وَيُؤَيِّدُ هَذَا مِنْ أَصْلِنَا أَنَّهُ يُعْضِلُ الزَّانِيَةَ لِتَخْتَلِعَ مِنْهُ وَأَنَّ الْكَفَاءَةَ إذَا زَالَتْ فِي أَثْنَاءِ الْعَقْدِ فَإِنَّ لَهَا الْفَسْخَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَزْنِي لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ بَلْ يُفَارِقُهَا وَإِلَّا كَانَ دَيُّوثًا وَكَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَامَّةً يَقْتَضِي تَحْرِيمَ التَّزْوِيجِ بِالْحَرْبِيَّاتِ وَلَهُ فِيمَا إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ رِوَايَتَانِ، وَالْمَنْعُ مِنْ النِّكَاحِ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ عَامٌّ فِي الْمُسْلِمَةِ وَالْكَافِرَةِ وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمُرْتَدُّ كَافِرَةً مُرْتَدَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا أَوْ تَزَوَّجَ الْمُرْتَدَّةَ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَا فَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ هُنَا أَنَّا نُقِرُّهُمْ عَلَى نِكَاحِهِمْ أَوْ مُنَاكَحَتِهِمْ كَالْحَرْبِيِّ إذَا نَكَحَ نِكَاحًا فَاسِدًا ثُمَّ أَسْلَمَا فَإِنَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ وَهَذَا جَيِّدٌ فِي الْقِيَاسِ إذَا قُلْنَا: إنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُؤْمِنُ بِفِعْلِ مَا تَرَكَهُ فِي الرِّدَّةِ مِنْ الْعِبَادَاتِ لَكِنْ طَرْدُهُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ عَلَى مَا ارْتَكَبَهُ فِي الرِّدَّةِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَفِيهِ خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ وَإِنْ كَانَ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يُحَدُّ فَإِذَا قُلْنَا: إنَّهُ يُؤْمِنُ بِقَضَاءِ مَا تَرَكَهُ مِنْ الْوَاجِبَاتِ وَيَضْمَنُ وَيُعَاقَبُ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا كُلُّ عُقُودِ الْمُرْتَدِّينَ إذَا أَسْلَمُوا قَبْلَ التَّقَابُضِ أَوْ بَعْدَهُ وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ يَدْخُلُ فِيهِ خَمْسَةُ أَحْكَامٍ: أَهْلُ الشِّرْكِ فِي النِّكَاحِ وَتَوَابِعِهِ، وَالْأَمْوَالِ وَتَوَابِعِهَا أَوْ تَمَالَئُوا عَلَى مَالِ مُسْلِمٍ أَوْ تَقَاسَمُوا مِيرَاثًا ثُمَّ أَسْلَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ وَالدِّمَاءِ وَتَوَابِعِهَا وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ فَإِنْ كَانَ الْحُرُّ كِتَابِيًّا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: مَفْهُومُ كَلَامِ الْجَدِّ أَنَّهُ يُبَاحُ لِلْكَافِرِ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْكَافِرَةِ وَتُبَاحُ الْأَمَةُ لِوَاجِدِ الطَّوْلِ غَيْرِ خَائِفِ الْعَنَتِ إذَا شَرَطَ عَلَى السَّيِّدِ عِتْقَ كُلِّ مَنْ يُولَدُ مِنْهَا وَهُوَ مَذْهَبُ اللَّيْثِ لِامْتِنَاعِ مَفْسَدَةِ إرْقَاقِ وَلَدِهِ وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً كِتَابِيَّةً شَرَطَ لَهُ عِتْقَ وَلَدِهَا مِنْهُ وَالْآيَةُ إنَّمَا دَلَّتْ عَلَى تَحْرِيمِ غَيْرِ الْمُؤْمِنَاتِ بِالْمَفْهُومِ وَلَا عُمُومَ لَهُ بَلْ يُصَدَّقُ بِصُورَةٍ وَلَوْ خَشِيَ الْقَادِرُ عَلَى الطَّوْلِ عَلَى نَفْسِهِ الزِّنَا بِأَمَةِ غَيْرِهِ لِمَحَبَّتِهِ لَهَا وَلَمْ يَبْذُلْهَا سَيِّدُهَا لَهُ بِمِلْكٍ أُبِيحَ لَهُ نِكَاحُهَا.
وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ السَّلَفِ وَلَوْ تَزَوَّجَ الْأَمَةَ فِي عِدَّةِ الْحُرَّةِ جَازَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ وَكَانَ خَائِفًا لَلَعَنَتْ عَادِمًا لِطَوْلِ حُرَّةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ لَيْسَتْ هِيَ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْحُرَّةِ وَيَخْرُجُ الْمَنْعُ إذَا مَنَعْنَا مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ خَرَّجَ الْجَدُّ فِي الشَّرْحِ.
ذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّ الزَّوْجَ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ لِلْعِتْقِ فَأَعْتَقَهَا حِينَ مَلَكَهَا فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute