هَذَا لَا يُقَدَّرُ بِثَلَاثِ خُطُوَاتٍ وَلَا ثَلَاثِ فِعْلَاتٍ، كَمَا مَضَتْ بِهِ السُّنَّةُ، وَمَنْ قَيَّدَهَا بِثَلَاثٍ كَمَا يَقُولُهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ إذَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مَوْقُوفَةً فَيَجُوزُ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى ثَلَاثٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ]
ِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَاَلَّذِي تَبَيَّنَ لِي أَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ وَاجِبٌ مُطْلَقًا فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَمَذْهَبُ طَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَلَا يُشْرَعُ فِيهِ تَحْرِيمٌ وَلَا تَحْلِيلٌ هَذَا هُوَ السُّنَّةُ الْمَعْرُوفَةُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهَا عَامَّةُ السَّلَفِ.
وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ هُوَ صَلَاةً فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ، بَلْ يَجُوزُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، وَاخْتَارَهَا الْبُخَارِيُّ لَكِنَّ السُّجُودَ بِشُرُوطِ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخِلَّ بِذَلِكَ إلَّا لِعُذْرٍ، فَالسُّجُودُ بِلَا طَهَارَةٍ خَيْرٌ مِنْ الْإِخْلَالِ بِهِ، لَكِنْ يُقَالُ إنَّهُ لَا يَجِبُ فِي هَذَا الْحَالِ.
كَمَا لَا يَجِبُ عَلَى السَّامِعِ إذَا لَمْ يَسْجُدْ قَارِئُ السُّجُودِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ السُّجُودُ جَائِزًا عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَسْجُدَ عَنْ قِيَامٍ، وَقَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَالشَّافِعِيِّ.
وَسُجُودُ الشُّكْرِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى طَهَارَةٍ: كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ، وَوَافَقَ أَبُو الْعَبَّاسِ عَلَى سُجُودِ السَّهْوِ فِي اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ.
وَلَوْ أَرَادَ الْإِنْسَانُ الدُّعَاءَ فَعَفَّرَ وَجْهَهُ لِلَّهِ فِي التُّرَابِ، وَسَجَدَ لَهُ لِيَدْعُوَهُ، فَهَذَا سُجُودٌ لِأَجْلِ الدُّعَاءِ وَلَا شَيْءَ يَمْنَعُهُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ سَجَدَ سُجُودًا مُجَرَّدًا لَمَّا جَاءَ نَعْيُ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا رَأَيْتُمْ آيَةً فَاسْجُدُوا» وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ يُشْرَعُ عِنْدَ الْآيَاتِ، فَالْمَكْرُوهُ هُوَ.
وَمِنْ الْبِدَعِ إنْ صَلَّى الصُّبْحَ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ سَجَدَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا وَقَبَّلَ الْأَرْضَ، وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذَا السُّجُودَ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ، وَأَمَّا تَقْبِيلُ الْأَرْضِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، مِمَّا فِيهِ السُّجُودُ مِمَّا يُفْعَلُ قُدَّامَ بَعْضِ الشُّيُوخِ وَبَعْضِ الْمُلُوكِ فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute