وَكَذَلِكَ اشْتِرَاطُ النَّفَقَةِ عَلَى وَلَدِهَا يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَمَتَى لَمْ يَقْبَلْ الشُّرُوطَ، فَتَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى، فَلَهَا فَسْخُ النِّكَاحِ، لَكِنْ فِي تَوَقُّفِ ذَلِكَ عَلَى الْحَاكِمِ نِزَاعٌ لِكَوْنِهِ صَارَ مُجْتَهَدًا فِيهِ، كَخِيَارِ الْعُنَّةِ وَالْعُيُوبِ، إذْ فِيهِ خِلَافٌ، أَوْ يُقَالُ: لَا يَحْتَاجُ إلَى اجْتِهَادٍ فِي ثُبُوتِهِ، وَإِنْ وَقَعَ نِزَاعٌ فِي الْفَسْخِ بِهِ كَخِيَارِ الْمُتْعَةِ يَثْبُتُ فِي مَوَاضِعِ الْخِلَافِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ، مِثْلُ أَنْ يُفْسَخَ عَلَى التَّرَاخِي، فَإِنَّ هَذَا فِيهِ خِلَافٌ.
وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنْ يُوقَفَ الْفَسْخُ عَلَى الِاجْتِهَادِ فِي ثُبُوتِ الْحُكْمِ أَيْضًا، وَلِأَنَّ الْفُرُوجَ يُحْتَاطُ لَهَا فَتُنَاطُ بِأَمْرِ حَاكِمٍ، بِخِلَافِ الْفُسُوخِ فِي الْبَيْعِ. وَالْأَقْوَى أَنَّ الْفَسْخَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمِ، لَكِنْ إنْ رُفِعَ إلَى حَاكِمٍ يَرَى إمْضَاءَهُ أَمْضَاهُ، وَإِنْ رَأَى إبْطَالَهُ أَبْطَلَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ وَجَدَ صَغِيرَةً فَرَبَّاهَا فَلَمَّا بَلَغَتْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ لَهُ]
٤١٩ - ٢١ - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ وَجَدَ صَغِيرَةً فَرَبَّاهَا، فَلَمَّا بَلَغَتْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ لَهُ، وَرُزِقَ مِنْهَا أَوْلَادًا، ثُمَّ وُجِدَ لَهَا أَخٌ بَعْدَ ذَلِكَ، فَهَلْ هَذَا النِّكَاحُ صَحِيحٌ؟
الْجَوَابُ: إذَا كَانَ لَهَا أَخٌ غَائِبٌ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً، وَلَمْ يَكُنْ يُعْرَفُ حِينَئِذٍ لَهَا أَخٌ لِكَوْنِهَا ضَاعَتْ مِنْ أَهْلِهَا حِينَ صِغَرِهَا إلَى مَا بَعْدَ النِّكَاحِ، لَمْ يَبْطُلْ النِّكَاحُ لِلذُّكُورِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ صَغِيرَة دُونَ الْبُلُوغِ مَاتَ أَبُوهَا]
٤٢٠ - ٢٢ - مَسْأَلَةٌ:
فِي صَغِيرَةٍ دُونَ الْبُلُوغِ مَاتَ أَبُوهَا، هَلْ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَوْ نَائِبِهِ أَنْ يُزَوِّجَهَا أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَتْ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: إذَا بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ فَإِنَّهُ يُزَوِّجُهَا الْأَوْلِيَاءُ مِنْ الْعَصَبَاتِ وَالْحَاكِمِ وَنَائِبُهُ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمَا، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فِي مِثْلِ قَوْله تَعَالَى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: ١٢٧] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute