وَأَمَّا تَزْوِيجُ هَذِهِ الْعَتِيقَةِ بِدُونِ إذْنِ الْمُعْتِقَةِ، فَهَذَا فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ لِلْعُلَمَاءِ، فَإِنَّ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ إذْنَ الْوَلِيِّ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ يَقُولُ: بِأَنَّ هَذَا النِّكَاحَ يَصِحُّ عِنْدَهُ، لَكِنْ مَنْ يَشْتَرِطُ إذْنَ الْوَلِيِّ كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لَهُمْ قَوْلَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهِيَ رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ.
إحْدَاهُمَا: أَنَّهَا لَا تُزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِ الْمُعْتِقَةِ، فَإِنَّهَا عَصَبَتُهَا، وَعَلَى هَذَا فَهَلْ لِلْمَرْأَةِ نَفْسِهَا أَنْ تُزَوِّجَهَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ.
وَالثَّانِي: أَنَّ تَزْوِيجَهَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ الْمُعْتِقَةِ، لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ وَلِيَّةً لِنَفْسِهَا، فَلَا تَكُونُ وَلِيَّةً لِغَيْرِهَا، وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا عِنْدَهُمْ، فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِهَا، فَعَلَى هَذَا يُزَوِّجُ هَذِهِ الْمُعْتَقَةَ مَنْ يُزَوِّجُ مُعْتِقَهَا بِإِذْنِ الْعَتِيقَةِ، مِثْلُ أَخِ الْمُعْتَقَةِ وَنَحْوِهِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا وَزَوَّجَهَا الْحَاكِمُ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ أَهْلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَالْوَلَاءُ لَهُمْ، وَالْحَاكِمُ يُزَوِّجُهَا.
[مَسْأَلَةٌ خَطَبَ امْرَأَةً فَاتَّفَقُوا عَلَى النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ]
٤٧٥ - ٧٧ - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ خَطَبَ امْرَأَةً، فَاتَّفَقُوا عَلَى النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ، وَأَعْطَى أَبَاهَا لِأَجْلِ ذَلِكَ شَيْئًا، فَمَاتَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ، هَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَعْطَى؟ . الْجَوَابُ: إذَا كَانُوا قَدْ وَفَّوْا لَهُ بِمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ وَلَمْ يَمْنَعُوهُ مِنْ نِكَاحِهَا حَتَّى مَاتَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرْجِعَ مَا أَعْطَاهُمْ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَهَا اسْتَحَقَّتْ جَمِيعَ الصَّدَاقِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا بَذَلَ لَهُمْ ذَلِكَ لِيُمَكِّنُوهُ مِنْ نِكَاحِهَا، وَقَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ، وَهَذَا غَايَةُ الْمُمْكِنِ.
[مَسْأَلَةٌ التَّحْلِيلُ الْمُتَوَاطِئ عَلَيْهِ مَعَ الزَّوْجِ]
٤٧٦ - ٧٨، مَسْأَلَةٌ:
فِي هَذَا التَّحْلِيلِ الَّذِي يَفْعَلُهُ النَّاسُ الْيَوْمَ، إذَا وَقَعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي يَفْعَلُونَهُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْإِشْهَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْحِيَلِ الْمَعْرُوفَةِ، هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ وَإِذَا قَلَّدَ مَنْ قَالَ بِهِ، هَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ اعْتِقَادٍ وَاعْتِقَادٍ؟ وَهَلْ الْأَوْلَى إمْسَاكُ الْمَرْأَةِ أَمْ لَا؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute