للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَجْرُ» وَإِنَّمَا مُرَادُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يُؤَخِّرُ الْفَجْرَ عَنْ أَوَّلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ وَيَنْكَشِفَ وَيَظْهَرَ. وَذَلِكَ الْيَوْمُ عَجَّلَهَا قَبْلُ.

وَبِهَذَا تَتَّفِقُ مَعَانِي أَحَادِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا إذَا أَخَّرَهَا لِسَبَبٍ يَقْتَضِي التَّأْخِيرَ مِثْلِ الْمُتَيَمِّمِ عَادَتُهُ إنَّمَا يُؤَخِّرُهَا لِيُصَلِّيَ آخِرَ الْوَقْتِ بِوُضُوءٍ، وَالْمُنْفَرِدِ يُؤَخِّرُهَا حَتَّى يُصَلِّيَ آخِرَ الْوَقْتِ فِي جَمَاعَةٍ، أَوْ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الصَّلَاةِ آخِرَ الْوَقْتِ قَائِمًا، وَفِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لَا يَقْدِرُ إلَّا قَاعِدًا، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ فِيهِ فَضِيلَةٌ تَزِيدُ عَلَى الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، فَالتَّأْخِيرُ لِذَلِكَ أَفْضَلُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ قَوْل النَّبِيّ أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ]

١٠٨ - ٢٤ مَسْأَلَةٌ:

فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ» ؟

الْجَوَابُ: أَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ» فَإِنَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ. لَكِنْ قَدْ اسْتَفَاضَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يُغَلِّسُ بِالْفَجْرِ، حَتَّى كَانَتْ تَنْصَرِفُ نِسَاءُ الْمُؤْمِنَاتِ مُتَلَفِّعَاتٌ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الْغَلَسِ. فَلِهَذَا فَسَّرُوا ذَلِكَ الْحَدِيثَ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَرَادَ الْإِسْفَارَ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا، أَيْ: أَطِيلُوا الْقِرَاءَةَ حَتَّى تَخْرُجُوا مِنْهَا مُسْفِرِينَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِيهَا بِالسِّتِّينَ آيَةً إلَى مِائَةِ آيَةٍ، نَحْوَ نِصْفِ حِزْبٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَتَبَيَّنَ الْفَجْرُ وَيَظْهَرَ، فَلَا يُصَلِّي مَعَ غَلَبَةِ الظَّنِّ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي بَعْد التَّبَيُّنِ. إلَّا يَوْمَ مُزْدَلِفَةَ فَإِنَّهُ قَدَّمَهَا. ذَلِكَ الْيَوْمَ عَلَى عَادَتِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ تَرَكَ الصَّلَاةَ سَنَتَيْنِ ثُمَّ تَابَ وَوَاظَبَ عَلَى أَدَائِهَا]

١٠٩ - ٢٥ مَسْأَلَةٌ:

فِي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ تَابَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَوَاظَبَ عَلَى أَدَائِهَا. فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ مِنْهَا أَمْ لَا؟

الْجَوَابُ: أَمَّا مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ، أَوْ فَرْضًا مِنْ فَرَائِضِهَا، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ تَرَكَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>