[كِتَابُ الْغَصْبِ]
ِ قَالَ فِي " الْمُحَرَّرِ ": وَهُوَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ ظُلْمًا
قَوْلُهُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ ظُلْمًا يَدْخُلُ فِيهِ مَالُ الْمُسْلِمِ وَالْمُعَاهَدِ وَهُوَ الْمَالُ الْمَعْصُومُ وَيَخْرُجُ مِنْهُ اسْتِيلَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِظُلْمٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ اسْتِيلَاءُ الْمُحَارِبِينَ عَلَى مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْغَصْبِ الْمَذْكُورِ حُكْمُهُ هُنَا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ إذْ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ وَلَا بِالتَّلَفِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ رَدِّ عَيْنِهِ.
وَأَمَّا أَمْوَالُ أَهْلِ الْبَغْيِ وَأَهْلِ الْعَدْلِ فَقَدْ لَا يَرِدُ لِأَنَّ هُنَاكَ لَا يَجُوزُ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى عَيْنِهَا وَمَتَى أُتْلِفَتْ بَعْدَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى عَيْنِهَا ضُمِنَتْ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي ضَمَانِهَا بِالْإِتْلَافِ وَقْتَ الْحَرْبِ وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا أَخَذَ الْمُلُوكُ وَالْقُطَّاعُ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ الْمُكُوسِ وَغَيْرِهَا. فَأَمَّا اسْتِيلَاءُ أَهْلِ الْحَرْبِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَيَدْخُلُ فِيهِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ قَتْلُ النُّفُوسِ وَأَخْذُ الْأَمْوَالِ إلَّا بِأَمْرِ اللَّهِ لَكِنْ يُقَالُ لَمَّا كَانَ الْمَأْخُوذُ مُبَاحًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا لَمْ يَصِرْ ظُلْمًا فِي حَقِّنَا وَلَا فِي حَقِّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ.
فَأَمَّا مَا أُخِذَ مِنْ الْأَمْوَالِ وَالنُّفُوسِ أَوْ أُتْلِفَ مِنْهَا فِي حَالِ الْجَاهِلِيَّةِ أَقَرَّ قَرَارَهُ لِأَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ عُفِيَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ بِشَرْطِ الْإِسْلَامِ وَكَذَلِكَ بِشَرْطِ الْأَمَانِ فَلَوْ تَحَاكَمَ إلَيْنَا مُسْتَأْمَنَانِ حَكَمْنَا بِالِاسْتِقْرَارِ وَإِذَا كَانَ الْمُتْلَفُ لَا يُبَاعُ مِثْلُ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ فَهَا هُنَا لَا يَجُوزُ تَقْوِيمُهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْإِبْقَاءِ وَقَدْ لَا يَكُونُ لَهُ قِيمَةٌ بَلْ كَالْجَنِينِ فِي الْحَيَوَانِ فَهَا هُنَا إمَّا أَنْ يُقَوَّمَ مُسْتَحِقُّ الْإِبْقَاءِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ كَذَلِكَ وَإِمَّا أَنْ يُقَوَّمَ مَعَ الْأَصْلِ ثُمَّ يُقَوَّمَ الْأَصْلُ بِدُونِهِ وَإِمَّا أَنْ يُنْظَرَ إلَى حَالِ كَمَالِهِ فَيُقَوَّمَ بِدُونِ نَفَقَةِ الْإِبْقَاءِ فَفِيهِ نَظَرٌ لِإِمْكَانِ تَلَفِهِ قَبْلُ وَأَمَّا إذَا جَازَ بَيْعُهُ مُسْتَحِقَّ الْإِبْقَاءِ فَيُقَوَّمُ مُسْتَحِقُّ الْإِبْقَاءِ كَمَا يُقَوَّمُ الْمَنْقُولَاتُ مَعَ جَوَازِ الْآفَاتِ عَلَيْهَا جَمِيعًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute