للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: سُئِلْت عَنْ قَوْمٍ أُخِذَتْ لَهُمْ غَنَمٌ أَوْ غَيْرُهَا مِنْ الْمَالِ ثُمَّ رُدَّتْ عَلَيْهِمْ أَوْ بَعْضُهَا وَقَدْ اشْتَبَهَ مِلْكُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ. قَالَ فَأَجَبْتُ أَنَّهُ إنْ عُرِفَ قَدْرُ الْمَالِ تَحْقِيقًا قُسِمَ الْمَوْجُودُ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا عَدَدَهُ قُسِمَ عَلَى قَدْرِ الْعَدَدِ لِأَنَّ الْمَالَيْنِ إذَا اخْتَلَطَا قُسِمَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَأْخُذُ عَيْنَ مَا كَانَ لِلْآخَرِ لِأَنَّ الِاخْتِلَاطَ جَعَلَهُمْ شُرَكَاءَ لَا سِيَّمَا عَلَى أَصْلِنَا أَنَّ الشَّرِكَةَ تَصِحُّ بِالْعَقْدِ مَعَ امْتِيَازِ الْمَالَيْنِ لَكِنَّ الِاشْتِبَاهَ فِي الْغَنَمِ وَنَحْوِهَا يَقُومُ مَقَامَ الِاخْتِلَاطِ فِي الْمَائِعَاتِ وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَكَا بِمَا يَتَشَابَهُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ أَنَّهُ يَصِحُّ كَمَا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ إذَا صَحَّحْنَاهَا بِالْعَرْضِ وَإِذَا كَانُوا شُرَكَاءَ بِالِاخْتِلَاطِ وَالِاشْتِبَاهِ فَعِنْدَ الْقَسْمِ يُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمَرْدُودُ جَمِيعَ مَا لَهُمْ فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ بَعْضَهُ فَذَلِكَ الْبَعْضُ هُوَ بَعْضُ الْمُشْتَرَكِ كَمَا لَوْ رَدَّ بَعْضَ الدَّرَاهِمِ الْمُخْتَلِطَةِ بَقِيَ إنْ كَانَ حَيَوَانًا فَهَلْ تَجِبُ قِسْمَتُهُ أَعْيَانًا عِنْدَ طَلَبِ بَعْضِهِمْ قَوْلًا وَاحِدًا أَوْ يُخَرَّجَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ الْأَشْبَهُ خُرُوجُهُ عَلَى الْخِلَافِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ عَشَرَةُ رُءُوسٍ وَلِلْآخَرِ عِشْرُونَ فَمَا وُجِدَ فَلِأَحَدِهِمَا ثُلُثُهُ وَلِلْآخَرِ ثُلُثَاهُ كَمَا لَوْ وَرِثَاهُ.

لِذَلِكَ لَكِنَّ الْمَحْدُودَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَالَ كُلٍّ مِنْهُمَا إنْ عُرِفَ قِيمَتُهُ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ إلَّا عَدَدُهُ مَعَ أَنَّ غَنَمَ أَحَدِهِمَا قَدْ يَكُونُ خَيْرًا مِنْ غَنَمِ الْآخَرِ فَالْوَاجِبُ عِنْدَ تَعَذُّرِ مَعْرِفَةِ رُجْحَانِ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ التَّسْوِيَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فَضْلِ غَنَمِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَلِأَنَّ الضَّرُورَةَ تُلْجِئُ إلَى التَّسْوِيَةِ وَعَلَى هَذَا فَسَوَاءٌ اخْتَلَطَ غَنَمُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً يُقْسَمُ الْمَالَانِ عَلَى الْعَدَدِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ الرُّجْحَانُ وَإِنْ عُرِفَ وَجُهِلَ قَدْرُهُ أَثْبَتَ مِنْهُ الْقَدْرَ الْمُتَيَقَّنَ وَأَسْقَطَ الزَّائِدَ الْمَشْكُوكَ فِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَيَضْمَنُ الْمَغْصُوبَ بِمَا نَقَصَ رَقِيقًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَاخْتَارَهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَمَنْ قَبَضَ مَغْصُوبًا مِنْ غَاصِبِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ فِي جَوَازِ تَضْمِينِهِ الْعَيْنَ وَالْمَنْفَعَةَ لَكِنَّهُ يَرْجِعُ إذَا غَرِمَ عَلَى غَاصِبٍ بِمَا لَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُهُ خَاصَّةً.

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: يَتَخَرَّجُ أَلَّا يَضْمَنَ الْغَاصِبُ مَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ عَلَى قَوْلِنَا إنَّهُ لَا يَقْلَعُ غَرْسَهُ وَبِنَاءَهُ حَتَّى يَضْمَنَ بَعْضَهُ وَيَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَعَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِ فِي الْمَنْعِ يَضْمَنُ مُودَعُ الْمُودَعِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ وَعَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَانَ الْمَغْرُورُ لَا يَضْمَنُ الْأَوَّلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>