وَكَذَلِكَ الْمَاءُ فِي الطَّهَارَةِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْكُوبُ، وَالزَّادُ فِي الْحَجِّ، وَهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ شَيْءٌ كَثِيرٌ وَفِيهِ نَوْعُ مَشَقَّةٍ.
وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا لَطِيفًا أَرْسَلَهُ عَلَى كَتِفِهِ وَعَجُزِهِ وَصَلَّى جَالِسًا، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَوْ اتَّزَرَ بِهِ وَصَلَّى قَائِمًا.
وَقَالَ الْقَاضِي: يَسْتُرُ مَنْكِبَيْهِ وَيُصَلِّي جَالِسًا وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَقَوْلُ الْقَاضِي ضَعِيفٌ وَلَوْ صَلَّى عَلَى رَاحِلَةٍ مَغْصُوبَةٍ فَهُوَ كَالْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ، وَإِنْ صَلَّى عَلَى فِرَاشٍ مَغْصُوبٍ فَوَجْهَانِ، أَظْهَرُهُمَا الْبُطْلَانُ، وَلَوْ غَصَبَ مَسْجِدًا وَغَيْرَهُ بِأَنْ حَوَّلَهُ عَنْ كَوْنِهِ مَسْجِدًا بِدَعْوَى مِلْكِهِ أَوْ وَقَفَهُ عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ فِيهِ، وَإِنْ أَبْقَاهُ مَسْجِدًا، وَمَنَعَ النَّاسَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ فِيهِ وَجْهَانِ، اخْتَارَ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ الصِّحَّةَ، وَالْأَقْوَى الْبُطْلَانُ وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ ضَمَانُهُ.
وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْعُرْيَانُ ثَوْبًا وَلَا حَشِيشًا، وَلَكِنْ وَجَدَ طِينًا لَزِمَهُ الِاسْتِتَارُ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ الْآمِدِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ، وَقِيلَ: إنَّهُ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَنَاثَرُ وَلَا يَبْقَى، وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَتِرَ بِحَائِطٍ، أَوْ شَجَرَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ إنْ أَمْكَنَ.
وَتُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ بِالنَّعْلِ، وَقَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَالْعَبْدُ الْآبِقُ لَا يَصِحُّ نَفْلُهُ، وَيَصِحُّ فَرْضُهُ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ، وَابْنِ الزَّاغُونِيِّ، وَبُطْلَانُ فَرْضِهِ قَوِيٌّ أَيْضًا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مَرْفُوعًا، وَيَنْبَغِي قَبُولُ صَلَاتِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِقَدْرٍ زَائِدٍ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ أَخْذُ الزِّينَةِ، فَقَالَ: «خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ» فَعَلَّقَ الْأَمْرَ بِاسْمِ الزِّينَةِ لَا بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ إيذَانًا بِأَنَّ الْعَبْدَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَلْبَسَ أَزْيَنَ ثِيَابِهِ وَأَجْمَلَهَا فِي الصَّلَاةِ.
[بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ]
ِ وُجُوبُ تَطْهِيرِ الْبَدَنِ مِنْ الْخَبَثِ يُحْتَجُّ عَلَيْهِ بِأَحَادِيثِ الِاسْتِنْجَاءِ، وَحَدِيثِ التَّنَزُّهِ مِنْ الْبَوْلِ، وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «حُتِّيهِ، ثُمَّ اُقْرُصِيهِ، ثُمَّ انْضَحِيهِ بِالْمَاءِ ثُمَّ صَلِّي فِيهِ» مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ وَغَيْرِهَا، وَبِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي «دَلْكِ النَّعْلَيْنِ بِالتُّرَابِ ثُمَّ الصَّلَاةِ فِيهِمَا» ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute