هَذَا الْوَقْفِ كَانَ تَفْوِيضُهُ سَائِغًا وَلَمْ يَجُزْ لِحَاكِمٍ آخَرَ نَقْضُ مِثْلِ هَذَا،
لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِي التَّفْوِيضِ إلَيْهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ فِي الْمَالِ وَمُسْتَحِقِّهِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهِ.
وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ حَاكِمَيْنِ وَلَّى أَحَدُهُمَا شَخْصًا، وَوَلَّى آخَرُ شَخْصًا؛ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يُقَدِّمَ أَحَقَّهُمَا بِالْوِلَايَةِ؛ فَإِنَّ مَنْ عُرِفَتْ قُوَّتُهُ وَأَمَانَتُهُ يُقَدَّمُ عَلَى مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.
[مَسْأَلَةٌ فِي النَّاظِرِ مَتَى يَسْتَحِقُّ مَعْلُومَهُ مِنْ حِينَ فُوِّضَ إلَيْهِ]
٨٧٣ - ٣٢ مَسْأَلَةٌ:
فِي النَّاظِرِ مَتَى يَسْتَحِقُّ مَعْلُومَهُ: مِنْ حِينَ فُوِّضَ إلَيْهِ؟ أَوْ مِنْ حِينَ مَكَّنَهُ السُّلْطَانُ؟ أَوْ مِنْ حِينِ الْمُبَاشَرَةِ؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. الْمَالُ الْمَشْرُوطُ لِلنَّاظِرِ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الْعَمَلِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ، فَمَنْ عَمِلَ مَا عَلَيْهِ يَسْتَحِقُّ مَالَهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ وَقْفٍ مِنْ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ]
٨٧٤ - ٣٣ مَسْأَلَةٌ:
فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ وَقْفٍ مِنْ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ النَّظَرَ الشَّرْعِيَّ ثَلَاثِينَ سَنَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَأَثْبَتَ الْإِجَارَةَ عِنْدَ حَاكِمٍ مِنْ الْحُكَّامِ، وَأَنْشَأَ عِمَارَةً، وَغَرَسَ فِي الْمَكَانِ مُدَّةَ أَرْبَعِ سِنِينَ، ثُمَّ سَافَرَ وَالْمَكَانُ فِي إجَارَتِهِ، وَغَابَ إحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمَّا حَضَرَ وَجَدَ بَعْضَ النَّاسَ قَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَادَّعَى أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا، وَذَلِكَ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ. فَهَلْ لَهُ نَزْعُ هَذَا الثَّانِي وَطَلَبُهُ بِتَفَاوُتِ الْأُجْرَةِ؟
الْجَوَابُ: إنْ كَانَ الثَّانِي قَدْ اسْتَأْجَرَ الْمَكَانَ مِنْ غَيْرِ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِيجَارِ وَاسْتَأْجَرَهُ مَعَ بَقَاءِ إجَارَةٍ صَحِيحَةٍ عَلَيْهِ: فَالْإِجَارَةُ بَاطِلَةٌ، وَيَدُهُ يَدٌ عَادِيَةٌ مُسْتَحِقَّةٌ لِلرَّفْعِ وَالْإِزَالَةِ. وَإِذَا كَانَ الثَّانِي اسْتَأْجَرَهَا وَتَسَلَّمَهَا وَهِيَ فِي إجَارَةِ الْأَوَّلِ.
فَالْأَوَّلُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَتَسْقُطَ عَنْهُ الْإِجَارَةُ مِنْ حِينِ الْفَسْخِ، وَيُطَالِبَ أَهْلَ الْمَكَانِ بِالْإِجَارَةِ لِهَذَا الثَّانِي الْمُتَوَلِّي عَلَيْهِ؛ يَطْلُبُونَ مِنْهُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً؛ وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً طَالَبُوهُ بِالْفَسْخِ وَبُيِّنَ إمْضَاءُ الْإِجَارَةِ؛ وَيُعْطَى أَهْلُ الْمَكَانِ أُجْرَتَهُمْ؛ وَيُطَالَبُ الْغَاصِبُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مِنْ حِينِ اسْتِيلَائِهِ عَلَى مَا اسْتَأْجَرَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute