هَذِهِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ؛ بَلْ لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ فِي حَالٍ يَلْحَقُ بِهِ نَسَبُهُ إذَا وَلَدَتْهُ وَكَانَتْ مُطَلَّقَةً وَأَنْكَرَ هُوَ أَنْ تَكُونَ وَلَدَتْهُ لَمْ تُقْبَلْ فِي دَعْوَى الْوِلَادَةِ بِلَا نِزَاعٍ، حَتَّى تُقِيمَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً. وَيَكْفِي امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ: عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَعِنْدَ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَا بُدَّ مِنْ امْرَأَتَيْنِ. وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَيَحْتَاجُ عِنْدَهُ إلَى أَرْبَعِ نِسْوَةٍ. وَيَكْفِي يَمِينُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ.
وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الزَّوْجِيَّةُ قَائِمَةً فَفِيهَا قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ: أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا، كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.
وَالثَّانِي: يُقْبَلُ، كَمَذْهَبِ مَالِكٍ.
وَأَمَّا إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَمَضَى لَهَا أَكْثَرُ الْحَمْلِ، ثُمَّ ادَّعَتْ وُجُودَ حَمْلٍ مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ الْمُطَلِّقِ: فَهَذِهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا بِلَا نِزَاعٍ، بَلْ لَوْ أَخْبَرَتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا وَلِدُونِ مُدَّةِ الْحَمْلِ: فَهَلْ يَلْحَقُهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ لِأَهْلِ الْعِلْمِ. وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ أَنَّهُ يَلْحَقُ، وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ سُرَيْجٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لَكِنْ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ.
وَهَذَا النِّزَاعُ إذَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، فَأَمَّا إذَا تَزَوَّجَتْ بَعْدَ إخْبَارِهَا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ فَإِنَّ هَذَا لَا يَلْحَقُ نَسَبُهُ بِالْأَوَّلِ قَوْلًا وَاحِدًا. فَإِذَا عَرَفْتَ مَذْهَبَ الْأَئِمَّةِ فِي هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ فَكَيْفَ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ بِدَعْوَاهَا بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ. وَلَوْ قَالَتْ وَلَدْته ذَلِكَ الزَّمَنَ قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَنِي لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا أَيْضًا؛ بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهَا لَمْ تَلِدْهَا عَلَى فِرَاشِهِ.
وَلَوْ قَالَتْ هِيَ: وَضَعْت هَذَا الْحَمْلَ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَ بِالثَّانِي، وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ ذَلِكَ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَيْضًا أَنَّهَا لَمْ تَضَعْهَا قَبْلَ تَزَوُّجِهَا بِالثَّانِي؛ لَا سِيَّمَا مَعَ تَأَخُّرِ دَعْوَاهَا إلَى أَنْ تَزَوَّجَتْ الثَّانِيَ؛ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهَا فِي دَعْوَاهَا؛ لَا سِيَّمَا عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ فِي تَأَخُّرِ الدَّعْوَى الْمُمْكِنَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَنَحْوِهَا.
[مَسْأَلَةٌ امْرَأَة مُبْغِضَة لِزَوْجِهَا طَلَبَتْ الِانْخِلَاعَ مِنْهُ]
٥٧٨ - ٤١ - مَسْأَلَةٌ:
فِي امْرَأَةٍ مُبْغِضَةٍ لِزَوْجِهَا طَلَبَتْ الِانْخِلَاعَ مِنْهُ، وَقَالَتْ لَهُ: إنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute