وَاحِدٌ لَا يَنْقَسِمُ وَلَا يَتَجَزَّأُ فِي الْمُحْدَثَاتِ فَقَوْلُك كَمَا يَعْقِلُ مُتَكَلِّمٌ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ مُتَكَلِّمٌ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ فِي الْمُحْدَثَاتِ أَيْ كَمَا يُعْقَلُ هَذَا فِي الْمَوْصُوفِ فَلْيُعْقَلْ فِي صِفَتِهِ ذَلِكَ فَيُقَالُ لَك لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الدَّلِيلُ الْحَقُّ قَدْ دَلَّ عَلَى هَذِهِ الْوَحْدَةِ الَّتِي أَثْبَتَهَا لِلْمُتَكَلِّمِ أَوْ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا كُنْت قَائِسًا لِدَعْوَى عَلَى دَعْوَى بِلَا حُجَّةٍ وَكَانَتْ الْمُطَالَبَةُ لَك وَاحِدَةً فَصَارَتْ اثْنَتَيْنِ وَإِنْ دَلَّ عَلَيْهَا فَيُقَالُ لَك وَحْدَةُ الْمَوْصُوفِ عَلِمْت بِذَلِكَ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَيْهَا فَمِنْ أَيْنَ يَجِبُ إذَا عُلِمَ أَنَّ الْمَوْصُوفَ وَاحِدٌ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ مَعْنًى وَاحِدًا، مَعَ أَنَّ هَذَا الْمَوْصُوفَ الْوَاحِدَ مَوْصُوفٌ عِنْدَك وَعِنْدَ عَامَّةِ الْمُثْبِتَةِ بِصِفَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ وَحْدَتِهِ فِي نَفْسِهِ وَحْدَةُ صِفَتِهِ فَلِمَ لَزِمَ مِنْ وَحْدَتِهِ وَحْدَةُ كَلَامِهِ بِلَا حُجَّةٍ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: إنَّ مَا ذَكَرْته فِي هَذَا الْجَوَابِ إمَّا أَنْ تَذْكُرَهُ لِإِثْبَاتِ كَوْنِ الْكَلَامِ مَعْنًى وَاحِدًا أَوْ لِإِمْكَانِ أَنَّ الْمَعْنَى الْوَاحِدَ يَكُونُ حَقَائِقَ مُخْتَلِفَةً قِيَاسًا عَلَى الْمَوْصُوفِ فَإِنْ كَانَ لِإِثْبَاتِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِحَجَّةٍ أَصْلًا إذْ مُجَرَّدُ كَوْنِ الْمَوْصُوفِ وَاحِدًا لَا يُفِيدُ أَنْ تَكُونَ صِفَتُهُ مَعْنًى وَاحِدًا وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ وَالِاتِّفَاقُ وَهُوَ يُسْلَمُ ذَلِكَ وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذِهِ الْحَقِيقَةَ لَا تُفِيدُ إمْكَانَ ذَلِكَ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ فَإِنَّ مَنْ لَا يُفِيدُ ثُبُوتَ ذَلِكَ وَوُجُودَهُ أَوْلَى وَأَحْرَى وَإِنْ كَانَ ذَكَرَهُ لِبَيَانِ إمْكَانِ ذَلِكَ فَيُقَالُ لَك لَيْسَ كُلَّمَا أَمْكَنَ فِي الْمَوْصُوفِ أَمْكَنَ فِي الصِّفَةِ وَلَا كُلَّمَا يَمْتَنِعُ فِي الصِّفَةِ يَمْتَنِعُ فِي الْمَوْصُوفِ وَهَذَا مَعْلُومٌ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْمَوْصُوفِ وَاحِدًا بِهَذِهِ الْوَحْدَةِ الَّتِي أُثْبِتهَا أَنْ تَكُونَ صِفَتَهُ يُمْكِنُ فِيهَا مَا أُثْبِتهُ لَمْ يَكُنْ مَا ذَكَرْته كَلَامًا مُفِيدًا وَلَا قَوْلًا سَدِيدًا.
[الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ قِيَاسُك الْوَحْدَةَ الَّتِي أُثْبِتهَا لِلْكَلَامِ عَلَى الْوَحْدَةِ الَّتِي أُثْبِتهَا لِلْمُتَكَلِّمِ قِيَاسٌ لِلشَّيْءِ عَلَى ضِدِّهِ]
الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: أَنْ يُقَالَ لَك قِيَاسُك الْوَحْدَةَ الَّتِي أُثْبِتهَا لِلْكَلَامِ عَلَى الْوَحْدَةِ الَّتِي أُثْبِتهَا لِلْمُتَكَلِّمِ قِيَاسٌ لِلشَّيْءِ عَلَى ضِدِّهِ لَا عَلَى نَظِيرِهِ وَذَلِكَ أَنَّك جَعَلْت الْكَلَامَ مَعْنًى وَاحِدًا وَهَذَا الْمَعْنَى الْوَاحِدُ هُوَ حَقَائِقُ مُخْتَلِفَةٌ هُوَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْخَبَرُ وَالِاسْتِخْبَارُ لَمْ تَقُلْ أَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ وَالْخَبَرَ وَالِاسْتِخْبَارَ صِفَاتٌ قَائِمَةٌ بِالْكَلَامِ كَالصِّفَاتِ الْقَائِمَةِ بِالْمُتَكَلِّمِ وَلَا يُمْكِنُك أَنْ تَقُولَ ذَلِكَ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَا تَقُومُ بِالصِّفَةِ بَلْ هُمَا جَمِيعًا يَقُومَانِ بِالْمَوْصُوفِ فَلَوْ قُلْت ذَلِكَ لَكَانَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْخَبَرُ صِفَاتٍ مُخْتَلِفَةً قَائِمَةً بِاَللَّهِ وَذَلِكَ الَّذِي فَرَرْت مِنْهُ وَلَكِنَّ هَذَا يُنَاسِبُ قَوْلَ مَنْ قَالَ الْكَلَامُ صِفَاتٌ وَالرَّبُّ الْوَاحِدُ لَمْ تَقُلْ أَنَّهُ فِي نَفْسِهِ شَيْئَانِ بَلْ قُلْت إنَّهُ لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ وَلَا أَجْزَاءٍ فَكَانَ نَظِيرُ هَذَا أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute