الْفَزَعُ يَقُولُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَذَلِكَ أَنَّ مَا بَعْدَ حَتَّى هُنَا جُمْلَةٌ تَامَّةٌ وَهُوَ قَوْلُهُ {إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ} [سبأ: ٢٣] وَالْعَامِلُ فِي إذَا هُوَ قَوْلُهُ قَالُوا مَاذَا وَإِذَا ظَرْفٌ لِمَا يَسْتَقْبِلُ مِنْ الزَّمَانِ مُتَضَمِّنٌ مَعْنَى الشَّرْطِ أَيْ لَمَّا زَالَ الْفَزَعُ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ وَالْغَايَةُ بَعْدَ حَتَّى يَكُونُ مُفْرَدًا كَمَا تَقَدَّمَ وَيَكُونُ جُمْلَةً وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف: ٣٦] {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ - حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ} [الزخرف: ٣٧ - ٣٨] . وقَوْله تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} [يونس: ٢٢] فَأَخْبَرَ عَنْ ضَلَالِ أُولَئِكَ إلَى تِلْكَ الْغَايَةِ وَعَنْ تَسْيِيرِ هَؤُلَاءِ إلَى هَذِهِ الْغَايَةِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا} [الأعراف: ٣٨] الْآيَةَ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً} [الأنعام: ٤٤] . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ} [يوسف: ١٠٩] إلَى قَوْلِهِ: {لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ - حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ} [يوسف: ١٠٩ - ١١٠] .
[فَصْلٌ قَالُوا وَلَا نَقُولُ إنَّ كَلَامَ اللَّهِ حَرْفٌ وَصَوْتٌ قَائِمٌ بِهِ]
فَصْلٌ فَلَمَّا قَالُوا وَلَا نَقُولُ إنَّ كَلَامَ اللَّهِ حَرْفٌ وَصَوْتٌ قَائِمٌ بِهِ بَلْ هُوَ مَعْنًى قَائِمٌ بِذَاتِهِ قُلْت إخْبَارًا عَمَّا وَقَعَ مِنِّي قَبْلَ ذَلِكَ لَيْسَ فِي كَلَامِي هَذَا أَيْضًا بَلْ قَوْلُ الْقَائِلِ إنَّ الْقُرْآنَ حَرْفٌ وَصَوْتٌ قَائِمٌ بِهِ بِدْعَةٌ وَقَوْلُهُ إنَّهُ مَعْنًى قَائِمٌ بِهِ بِدْعَةٌ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ لَا هَذَا وَلَا هَذَا وَأَنَا لَيْسَ فِي كَلَامِي شَيْءٌ مِنْ الْبِدَعِ بَلْ فِي كَلَامِي مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ السَّلَفُ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَهَذَا كَلَامٌ صَحِيحٌ فَلَمْ أَقُلْ أَنَّ الْحُرُوفَ لَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ وَأَنَّ الْمَعَانِيَ لَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ وَلَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَتَكَلَّمْ بِالْحُرُوفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute