[فَصْلٌ لَا يَجُوزُ دَفْعُ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَّا لِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْكَفَّارَةَ]
فَصْلٌ
وَيُجْزِئُهُ فِي الْفِطْرَةِ مِنْ قُوتِ بَلَدِهِ مِثْلُ الْأُرْزِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَقَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَّا لِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْكَفَّارَةَ وَهُوَ مَنْ يَأْخُذُ لِحَاجَتِهِ لَا فِي الرِّقَابِ وَالْمُؤَلَّفَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَيَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى فَقِيرٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ مِلْكُ نِصَابٍ بَلْ تَجِبُ عَلَى مَنْ مَلَكَ صَاعًا فَاضِلًا عَنْ قُوتِهِ يَوْمَ الْعِيدِ وَلَيْلَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَصَاحِبُهُ لَا يُطَالِبُهُ بِهِ أَدَّى صَدَقَةَ الْفِطْرِ كَمَا يُطْعِمُ عِيَالَهُ يَوْمَ الْعِيدِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَمَنْ عَجَزَ عَنْ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَقْتَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ ثُمَّ أَيْسَرَ فَأَدَّاهَا فَقَدْ أَحْسَنَ وَقَدْرُ الْفِطْرِ صَاعٌ مِنْ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ وَأَمَّا مِنْ الْبُرِّ فَنِصْفٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ فِي بَقِيَّةِ الْكَفَّارَاتِ.
[فَصْلٌ الْمَالُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]
فَصْلٌ وَمَا سَمَّاهُ النَّاسُ دِرْهَمًا وَتَعَامَلُوا بِهِ تَكُونُ أَحْكَامُهُ أَحْكَامَ الدِّرْهَمِ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيمَا يَبْلُغُ مِائَتَيْنِ مِنْهُ وَالْقَطْعُ بِسَرِقَةِ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ مِنْهُ إلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ، قَلَّ مَا فِيهِ الْفِضَّةُ أَوْ كَثُرَ.
وَكَذَلِكَ مَا سُمِّيَ دِينَارًا وَنُقِلَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدِ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ قَالَ: زَكَاةُ الْحُلِيِّ عَارِيَّتُهُ وَلِهَذَا تَنَازَعَ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ هَلْ عَلَيْهَا أَنْ تُعِيرَهُ لِمَنْ يَسْتَعِيرُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَيْهَا عَلَى وَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي إذَا لَمْ تُخْرِجْ الزَّكَاةَ عَنْهُ أَنْ تُعِيرَهُ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ تُكْرِيهِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ.
وَكِتَابَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الْحِيَاضَةِ وَالدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ مَكْرُوهَةٌ وَيَجُوزُ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ لِعَدَمِ الْعُدُولِ عَنْ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ مِثْلُ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَةَ بُسْتَانِهِ أَوْ زَرْعَهُ فَهُنَا إخْرَاجُ عُشْرِ الدَّرَاهِمِ يُجْزِئُهُ وَلَا يُكَلَّفُ أَنْ يَشْتَرِيَ تَمْرًا أَوْ حِنْطَةً فَإِنَّهُ قَدْ سَاوَى الْفَقِيرَ بِنَفْسِهِ.
وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَمِثْلُ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ شَاةٌ فِي الْإِبِلِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ شَاةٌ فَإِخْرَاجُ الْقِيمَةِ كَافٍ وَلَا يُكَلَّفُ السَّفَرَ لِشِرَاءِ شَاةٍ أَوْ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحِقُّونَ طَلَبُوا الْقِيمَةَ لِكَوْنِهَا أَنْفَعَ لَهُمْ فَهَذَا جَائِزٌ، أَمَّا الْفُلُوسُ فَلَا يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا عَنْ النَّقْدَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهَا وَلَوْ كَانَتْ نَافِقَةً فَلَيْسَتْ فِي الْمُعَامَلَةِ كَالدَّرَاهِمِ فِي الْعَادَةِ لِأَنَّهَا قَدْ تَكْسُدُ وَيَحْرُمُ الْمُعَامَلَةُ بِهَا وَلِأَنَّهَا أَنْقَصُ سِعْرًا.
وَلِهَذَا يَكُونُ الْبَيْعُ بِالْفُلُوسِ دُونَ الْبَيْعِ بِقِيمَتِهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَغَايَتُهَا أَنْ تَكُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute