للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كِتَابُ الْحَجِّ]

ِّ وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَحْمَدَ، وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا وَلَا ضَرَرَ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَضُرَّهُ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِسُقُوطِ الْفَرَائِضِ بِالضَّرَرِ وَتَحْرُمُ فِي الْمَعْصِيَةِ وَلَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ، فَحِينَئِذٍ لَيْسَ لِلْأَبَوَيْنِ مَنْعُ وَلَدِهِمَا مِنْ الْحَجِّ الْوَاجِبِ، لَكِنْ يَسْتَطِيبُ أَنْفُسَهُمَا، فَإِنْ أَذِنَا وَإِلَّا حَجَّ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ مِنْ الْحَجِّ الْوَاجِبِ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَعَلَيْهَا أَنْ تَحُجَّ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي ذَلِكَ، حَتَّى أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ يُوجِبُونَ لَهَا النَّفَقَةَ عَلَيْهِ مُدَّةَ الْحَجِّ.

وَالْحَجُّ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْعُمْرَةِ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ جِدًّا مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ، وَلِهَذَا كَانَ أَصَحُّ الطَّرِيقَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَا عُمْرَةَ عَلَيْهِمْ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَفِي غَيْرِهِمْ رِوَايَتَانِ، وَهِيَ طَرِيقَةُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَطَرِيقَةُ أَبِي الْبَرَكَاتِ فِي الْعُمْرَةِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ ثَالِثُهَا تَجِبُ عَلَى غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ.

وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ فَتُوُفِّيَ قَبْلَهُ وَخَلَّفَ مَالًا حُجَّ عَنْهُ مِنْهُ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَالتِّجَارَةُ لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً لَكِنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَشْغَلُهُ عَنْ الْحَجِّ.

وَمَنْ أَرَادَ سُلُوكَ طَرِيقٍ يَسْتَوِي فِيهَا احْتِمَالُ السَّلَامَةِ وَالْهَلَاكِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْكَفُّ عَنْ سُلُوكِهَا فَإِنْ لَمْ يَكْفِ فَيَكُونُ أَعَانَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ شَهِيدًا.

وَيَجُوزُ الْخَفَارَةُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فِي الدَّفْعِ عَنْ الْمَخْفِرِ وَلَا يَجُوزُ مَعَ عَدَمِهَا كَمَا يَأْخُذُهُ السُّلْطَانُ مِنْ الرَّعَايَا. وَتَحُجُّ كُلُّ امْرَأَةٍ آمِنَةٍ مَعَ عَدَمِ مَحْرَمٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>