للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمَامِ: كَصَلَاةِ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ، وَالْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَكَذَلِكَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ إذَا لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَتَهُ.

وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ لَا يَقْرَأَ خَلْفَهُ بِحَالٍ، وَالسَّلَفُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ - مِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَقْرَأُ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ لَا يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ.

وَأَمَّا إذَا سَمِعَ الْمَأْمُومُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَمِعُ وَلَا يَقْرَأُ بِحَالٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ، وَغَيْرِهِمْ.

وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَقْرَأُ حَالَ الْجَهْرِ بِالْفَاتِحَةِ خَاصَّةً، وَمَذْهَبُ طَائِفَةٍ كَالْأَوْزَاعِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الشَّامِيِّينَ يَقْرَؤُهَا اسْتِحْبَابًا، وَهُوَ اخْتِيَارُ جَدِّنَا.

وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ حَالِ الْجَهْرِ وَحَالِ الْمُخَافَتَةِ، فَيَقْرَأُ فِي حَالِ السِّرِّ، وَلَا يَقْرَأُ فِي حَالِ الْجَهْرِ، وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى، قَالَ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: ٢٠٤] فَإِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَلْيَسْتَمِعْ، وَإِذَا سَكَتَ فَلْيَقْرَأْ فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ خَيْرٌ مِنْ السُّكُوتِ الَّذِي لَا اسْتِمَاعَ مَعَهُ.

وَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَفُوتُ هَذَا الْأَجْرُ بِلَا فَائِدَةٍ بَلْ يَكُونُ إمَّا مُسْتَمِعًا، وَإِمَّا قَارِئًا.

وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[مَا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةُ]

٢٤٠ - ١٥٦ - سُئِلَ: [عَمَّا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةُ؟]

الْجَوَابُ: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُمَا لَا يُدْرَكَانِ إلَّا بِرَكْعَةٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ وَجْهٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَاخْتَارَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ أَيْضًا كَأَبِي الْمَحَاسِنِ الرَّيَّانِيِّ، وَغَيْرِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُمَا يُدْرَكَانِ بِتَكْبِيرَةٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ، وَالْجَمَاعَةُ تُدْرَكُ بِتَكْبِيرَةٍ، وَهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>