أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَدُخُولَهُمْ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: ١٦١] وَدُخُولَهُمْ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اسْتِهِ بِقَدْرِ غَدْرَتِهِ فَيُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
وَهَذَا الْوَجْهُ مِمَّا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: عَجِبْت مِمَّا يَقُولُونَ فِي الْحِيَلِ وَالْأَيْمَانِ يُبْطِلُونَ الْأَيْمَانَ بِالْحِيَلِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: ٩١] وَقَالَ تَعَالَى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: ٧] وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ أَمْرُهُمْ وَأَمْرُ هَذِهِ الْحِيَلِ، وَاسْتِقْصَاءُ هَذَا يَطُولُ. وَإِنَّمَا الْقَصْدُ التَّنْبِيهُ - وَتَمَامُ هَذَا فِي:
[الْوَجْه الثَّامِن عَشْر أوجب اللَّه النَّصِيحَة وَالْبَيَان فِي الْمُعَامَلَات خَاصَّة]
الْوَجْهِ الثَّامِنَ عَشَرَ
وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَوْجَبَ فِي الْمُعَامَلَاتِ خَاصَّةً وَفِي الدِّينِ عَامَّةً النَّصِيحَةَ وَالْبَيَانَ، وَحَرَّمَ الْخِلَابَةَ وَالْغِشَّ وَالْكِتْمَانَ. فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: «بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، فَكَانَ مِنْ نُصْحِهِ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ دَابَّةً، ثُمَّ زَادَهُ أَضْعَافَ ثَمَنِهِ لَمَّا رَأَى أَنَّهُ يُسَاوِي ذَلِكَ وَأَنَّ صَاحِبَهُ مُسْتَرْسِلٌ» ، وَعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِرَجُلٍ يَبِيعُ طَعَامًا فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ، فَإِذَا هُوَ مَبْلُولٌ فَقَالَ: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute