قَوْلُهُ: وَأَوْلَادُهُمَا مِنْ بَعْدِهِمَا بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ. هَلْ هُوَ لِلتَّرْتِيبِ أَوْ لِلتَّشْرِيكِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ. فَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِاسْتِحْقَاقِ عُمَرَ الْجَمِيعَ بَعْدَ مَوْتِ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ هَذَا لِاعْتِقَادِهِ لِتَرْتِيبِ الْمَجْمُوعِ إلَى الْمَجْمُوعِ. فَإِذَا مَاتَ عُمَرُ فَقَدْ يَرَى ذَلِكَ الْحَاكِمُ التَّرْتِيبَ فِي الطَّبَقَةِ الْأُولَى، فَقَطْ كَمَا قَدْ يُشْعِرُ بِهِ ظَاهِرُ اللَّفْظِ. وَقَدْ يَكُونُ يَرَى أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي جَمِيعِ الْبُطُونِ؛ لَكِنَّ تَرْتِيبَ الْجَمِيعِ عَلَى الْجَمِيعِ، وَيَشْتَرِكُ كُلُّ طَبَقَةٍ مِنْ الطَّبَقَتَيْنِ فِي الْوَقْفِ دُونَ مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهَا. وَقَدْ يَرَى غَيْرَهُ وَأَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِتَرْتِيبِ الْأَفْرَادِ عَلَى الْأَفْرَادِ؛ فَإِذَا حَكَمَ حَاكِمٌ ثَانٍ فِيمَا لَمْ يَحْكُمْ فِيهِ الْأَوَّلُ بِمَا لَا يُنَاقِضُ حُكْمَهُ لَمْ يَكُنْ نَقْضًا لِحُكْمِهِ، فَلَا يَنْقُضُ هَذَا الثَّانِيَ إلَّا بِمُخَالَفَةِ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى ابْنِ ابْنِهِ فُلَانٍ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ]
٩٠١ - ٦٠ مَسْأَلَةٌ:
فِيمَنْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى ابْنِ ابْنِهِ فُلَانٍ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ: وَاحِدًا كَانَ أَمْ أَكْثَرَ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، ثُمَّ نَسْلَهُ، وَعَقِبِهِ. فَمَنّ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ أَوْ عَنْ نَسْلٍ وَعَقِبٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ. فَتُوُفِّيَ الْأَوَّلُ عَنْ أَوْلَادٍ، تُوُفِّيَ أَحَدُهُمْ فِي حَيَاتِهِ عَنْ أَوْلَادٍ، ثُمَّ مَاتَ الْأَوَّلُ وَخَلَّفَ بِنْتَه وَوَلَدَيْ ابْنِهِ. فَهَلْ تَأْخُذُ الْبِنْتُ الْجَمِيعَ أَوْ يَنْتَقِلُ إلَى وَلَدَيْ الِابْنِ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ أَبُوهُمَا لَوْ كَانَ حَيًّا؟
الْجَوَابُ: بَلْ النَّصِيبُ الَّذِي كَانَ يَسْتَحِقُّهُ مُحَمَّدٌ الْمَيِّتُ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ لَوْ عَاشَ يَنْتَقِلُ إلَى وَلَدَيْهِ دُونَ أُخْتِهِ؛ فَإِنَّ الْوَاقِفَ قَدْ ذَكَرَ أَنَّ قَوْلَهُ: عَلَى أَوْلَادِهِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ؛ إنَّمَا أَرَادَ بِهِ تَرْتِيبَ الْأَفْرَادِ عَلَى الْأَفْرَادِ لَا تَرْتِيبَ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ بِمَا بَيَّنَهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ مَدْلُولَ اللَّفْظِ عَنْ الْإِطْلَاقِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.
وَالْحُقُوقُ الْمُرَتَّبُ أَهْلُهَا شَرْعًا أَوْ شَرْطًا إنَّمَا يُشْتَرَطُ انْتِقَالُهَا إلَى الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْأُولَى، أَوْ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا؛ لِاسْتِحْقَاقِ الْأُولَى أَوَّلًا، كَمَا يَقُولُ الْفُقَهَاءُ فِي الْعَصَبِ بِالْمِيرَاثِ أَوْ النِّكَاحِ: الِابْنُ؛ ثُمَّ ابْنُهُ، ثُمَّ الْأَبُ، ثُمَّ أَبُوهُ. فَاسْتِحْقَاقُ ابْنِ الِابْنِ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ أَبِيهِ؛ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ - لِمَانِعٍ يَقُومُ بِهِ كُفْرٌ وَغَيْرُهُ - لَا يُشْتَرَطُ أَنَّ أَبَاهُ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِ، كَذَلِكَ فِي الْأُمِّ: النِّكَاحُ، وَالْحَضَانَةُ، وَوِلَايَةُ غَسْلِ الْمَيِّتِ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute