فَيَكُونُ الْمَالُ لِرَبِّ تِلْكَ الْجِهَةِ إنْ حَلَالًا فَحَلَالٌ وَإِلَّا كَانَتْ حَرَامًا وَسَائِرُ الْحُقُوقِ قِيَاسٌ عَلَى الْمَالِ. يُوَضِّحُ هَذَا: أَنَّ الْمُحَابَاةَ فِي الْبَيْعِ وَالْكِرَاءِ وَنَحْوِهِمَا تَبَرُّعٌ مَحْضٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُحْسَبُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ مِنْ الثُّلُثِ وَيَبْطُلُ مَعَ الْوَارِثِ، وَيُمْنَعُ مِنْهُ الْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ وَالْمُكَاتَبُ. وَكُلُّ مَنْ مَنَعَ مِنْ التَّبَرُّعِ، وَأَمَّا الْقَرْضُ وَنَحْوُهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ تَبَرُّعٌ فَإِذَا كَانَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ قَدْ حَابَى الْآخَرَ فِي عَقْدٍ مِنْ هَذِهِ الْعُقُودِ لِأَجْلِ قَرْضٍ أَوْ عَقْدٍ آخَرَ وِلَايَةً كَانَ ذَلِكَ أَوْ تَبَرُّعًا بِذَلِكَ السَّبَبِ كَالسَّلَفِ الَّذِي مَعَ الْبَيْعِ سَوَاءٌ وَكَالْهَدِيَّةِ الَّتِي مَعَ الْعَمَلِ سَوَاءٌ وَنَظِيرُ حَدِيثِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ وَهُوَ.
[الْوَجْهُ الْعِشْرُونَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا فَأَهْدَى إلَيْهِ]
الْوَجْهُ الْعِشْرُونَ مَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ «يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ الْهُنَائِيِّ قَالَ سَأَلْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الرَّجُلُ مِنَّا يُقْرِضُ أَخَاهُ الْمَالَ فَيُهْدِي إلَيْهِ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا فَأَهْدَى إلَيْهِ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ فَلَا يَرْكَبْهَا وَلَا يَقْبَلْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ» هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ حُمَيْدٍ الضَّبِّيِّ، عَنْ يَحْيَى. لَكِنْ لَيْسَ هَذَا يَحْيَى بْنَ أَبِي إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيَّ صَاحِبَ الْقِرَاءَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَإِنَّمَا هُوَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يَحْيَى بْنُ يَزِيدَ الْهُنَائِيُّ فَلَعَلَّ كُنْيَةَ أَبِيهِ أَبُو إِسْحَاقَ وَكِلَاهُمَا ثِقَةٌ الْأَوَّلُ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ وَالثَّانِي مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ وَعُتْبَةُ بْنُ حُمَيْدٍ مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ عَنْ الْهُنَائِيِّ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ هُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ وَأَبُو حَاتِمٍ مِنْ أَشَدِّ الْمُزَكِّينَ شَرْطًا فِي التَّعْدِيلِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ هُوَ ضَعِيفٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ لَكِنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ يُقْصَدُ بِهَا أَنَّهُ مِمَّنْ لَيْسَ يُصَحَّحُ حَدِيثُهُ بَلْ هُوَ مِمَّنْ يُحَسَّنُ حَدِيثُهُ، وَقَدْ كَانُوا يُسَمُّونَ حَدِيثَ مِثْلِ هَذَا ضَعِيفًا وَيَحْتَجُّونَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَسَنٌ إذْ لَمْ يَكُنْ الْحَدِيثُ إذْ ذَاكَ مَقْسُومًا إلَّا إلَى صَحِيحٍ وَضَعِيفٍ، وَفِي مِثْلِهِ يَقُولُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْحَدِيثُ الضَّعِيفُ خَيْرٌ مِنْ الْقِيَاسِ يَعْنِي الَّذِي لَمْ يَقْوَ قُوَّةَ الصَّحِيحِ مَعَ أَنَّ مَخْرَجَهُ حَسَنٌ، إسْمَاعِيلُ بْنِ عَيَّاشٍ حَافِظٌ ثِقَةٌ فِي حَدِيثِهِ عَنْ الشَّامِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا ضَعُفَ حَدِيثُهُ عَنْ الْحِجَازِيِّينَ وَلَيْسَ هَذَا عَنْ الْحِجَازِيِّينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute