وَالْحَرَامِ عَلِمَ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ.
وَهَذَا مَذْهَبُ عَامَّةِ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ كَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَابْنِ خُزَيْمَةَ، وَغَيْرِهِمْ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّمَ أَشْيَاءَ دَاخِلَةً فِيمَا حَرَّمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ فِي كِتَابِهِ الرِّبَا وَالْمَيْسِرَ، وَحَرَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْعَ الْغَرَرِ فَإِنَّهُ مِنْ نَوْعِ الْمَيْسِرِ.
وَكَذَلِكَ بَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا.
وَبَيْعُ حَبْلِ الْحَبَلَةِ، وَحَرَّمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْعَ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَدْخُلُ فِي الرِّبَا - فَصَارَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَظُنُّونَ أَنَّهُ دَخَلَ فِي الْعَامِّ أَوْ عِلَّتِهِ الْعَامَّةِ أَشْيَاءُ، وَهِيَ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي ذَلِكَ كَمَا أَدْخَلَ بَعْضُهُمْ ضَمَانَ الْبَسَاتِينِ حَوْلًا كَامِلًا أَوْ أَحْوَالًا لِمَنْ يَسْقِيهَا وَيَخْدُمُهَا حَتَّى تُثْمِرَ فَظَنُّوا أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا فَحَرَّمُوهُ وَإِنَّمَا هَذَا مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ كَإِجَارَةِ الْأَرْضِ فَلَمَّا نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ، وَجَوَّزَ إجَارَةَ الْأَرْضِ لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهَا حَتَّى تَنْبُتَ.
وَكَذَلِكَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَلَمْ يَنْهَ أَنْ تُضْمَنَ لِمَنْ يَخْدُمُهَا حَتَّى تُثْمِرَ، وَيَحْصُلَ الثَّمَرُ بِخِدْمَتِهِ عَلَى مِلْكِهِ، وَبَائِعُ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ عَلَيْهِ سَقْيُهُ إلَى كَمَالِ صَلَاحِهِ خِلَافَ الْمُؤَجِّرِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ يَسْقِي مَا لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ بَلْ سَقْيُ ذَلِكَ عَلَى الضَّامِنِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ضَمِنَ حَدِيقَةَ أُسَيْدَ بْنِ الْحُضَيْرِ ثَلَاثَ سِنِينَ، وَتَسَلَّفَ كِرَاءَهَا فَوَفَّى بِهِ دَيْنًا كَانَ عَلَيْهِ.
وَنَظَائِرُ هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ.
[فَصْلٌ الْعُشْرُ فَهُوَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَنْ نَبَتَ الزَّرْعُ عَلَى مِلْكِهِ]
فَصْلٌ وَأَمَّا الْعُشْرُ فَهُوَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ: كَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ عَلَى مَنْ نَبَتَ الزَّرْعُ عَلَى مِلْكِهِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: ٢٦٧] .
فَالْأَوَّلُ يَتَضَمَّنُ زَكَاةَ التِّجَارَةِ - وَالثَّانِي يَتَضَمَّنُ زَكَاةَ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ لَنَا مِنْ الْأَرْضِ، فَمَنْ أَخْرَجَ اللَّهُ لَهُ الْحَبَّ فَعَلَيْهِ الْعُشْرُ فَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا فَالْعُشْرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءِ كُلِّهِمْ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: الْعُشْرُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ.
وَإِذَا زَرَعَ أَرْضًا عَلَى النِّصْفِ فَمَا حَصَلَ لِلْمَالِكِ فَعَلَيْهِ عُشْرُهُ، وَمَا حَصَلَ لِلْعَامِلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute