لَيْسَ بِأَعْلَمَ بِهَا مِنْ السَّائِلِ، وَكَانَ السَّائِلُ فِي صُورَةِ أَعْرَابِيٍّ وَلَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ جِبْرِيلُ إلَّا بَعْدَ أَنْ ذَهَبَ، وَحِينَ أَجَابَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَمْ نَكُنْ نَظُنُّهُ إلَّا أَعْرَابِيًّا.
فَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَالَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَعْلَمَ بِالسَّاعَةِ مِنْ أَعْرَابِيٍّ، فَكَيْفَ يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يَدَّعِيَ عِلْمَ مِيقَاتِهَا، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ بِأَشْرَاطِهَا وَهِيَ عَلَامَاتُهَا، وَهِيَ كَثِيرَةٌ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا وَبَعْضُهَا يَأْتِي بَعْدُ، وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي وَقْتِهَا الْمُعَيَّنِ مِثْلُ الَّذِي صَنَّفَ كِتَابًا وَسَمَّاهُ الدَّارَ الْمُنَظَّمَ فِي مَعْرِفَةِ الْمُعَظَّمِ، وَذَكَرَ فِيهِ عَشْرَ دَلَالَاتٍ، بَيَّنَ فِيهَا وَقْتَهَا، وَاَلَّذِينَ تَكَلَّمُوا عَلَى ذَلِكَ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، وَاَلَّذِي تَكَلَّمَ فِي عَنْقَاءَ مَغْرِبٍ وَأَمْثَالُ هَؤُلَاءِ، فَإِنَّهُمْ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ صُورَةٌ عَظِيمَةٌ عِنْدَ أَتْبَاعِهِمْ فَغَالِبُهُمْ كَاذِبُونَ مُفْتَرُونَ، وَقَدْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُمْ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، وَيَتَكَلَّمُونَ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَادَّعَوْا فِي ذَلِكَ الْكَشْفَ وَمَعْرِفَةَ الْأَسْرَارِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٣٣] .
[مَسْأَلَةٌ مَا تَفْعَلُهُ الشَّيَاطِينُ الْجَانَّةُ مِنْ مَسِّهَا وَتَخْبِيطِهَا]
٣٦٧ - ٧ - مَسْأَلَةٌ:
هَلْ الشَّرْعُ الْمُطَهَّرُ يُنْكِرُ مَا تَفْعَلُهُ الشَّيَاطِينُ الْجَانَّةُ مِنْ مَسَّهَا وَتَخْبِيطِهَا وَجَوَلَانِ بَوَارِقِهَا عَلَى بَنِي آدَمَ، وَاعْتِرَاضِهَا؟ فَهَلْ لِذَلِكَ مُعَالَجَةٌ بِالْمُخْرَقَاتِ وَالْأَحْرَازِ، وَالْعَزَائِمِ، وَالْأَقْسَامِ، وَالرُّقَى، وَالتَّعَوُّذَاتِ، وَالتَّمَائِمِ؟ وَأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَالَ: لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْجِنَّ يَرْجِعُونَ إلَى الْحَقَائِقِ عِنْدَ عَامِرَةِ الْأَجْسَادِ بِالْبَوَارِ، وَإِنَّ هَذِهِ الْخَوَاتِمَ الْمُتَّخَذَةَ مَعَ كُلِّ إنْسَانٍ مِنْ سُرْيَانِيٍّ، وَعِبْرَانِيٍّ، وَعَجَمِيٍّ، وَعَرَبِيٍّ، لَيْسَ لَهَا بُرْهَانٌ، وَإِنَّهَا مِنْ مُخْتَلَقِ الْأَقَاوِيلِ، وَخُرَافَاتِ الْأَبَاطِيلِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ الْقُوَّةِ، وَلَا مِنْ الْقَبْضِ بِحَيْثُ يَفْعَلُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ مُتَوَلِّي هَذَا الشَّأْنِ عَلَى مَمَرِّ الدُّهُورِ، وَالْأَوْقَاتِ؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وُجُودُ الْجِنِّ ثَابِتٌ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَاتِّفَاقِ سَلَفِ الْأُمَّةِ، وَأَئِمَّتِهَا. وَكَذَلِكَ دُخُولُ الْجِنِّيِّ فِي بَدَنِ الْإِنْسَانِ ثَابِتٌ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: ٢٧٥]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute