وَهَذِهِ الْأَرْزَاقُ الْمَأْخُوذَةُ عَلَى الْأَعْمَالِ الدِّينِيَّةِ إنَّمَا هِيَ أَرْزَاقٌ وَمَعَاوِنُ عَلَى الدِّينِ؛ بِمَنْزِلَةِ مَا يَرْتَزِقُهُ الْمُقَاتِلَةُ؛ وَالْعُلَمَاءُ مِنْ الْفَيْءِ. وَالْوَاجِبَاتُ الشَّرْعِيَّةُ تَسْقُطُ بِالْعُذْرِ؛ وَلَيْسَتْ كَالْجَعَالَاتِ، عَلَى عِلْمٍ دُنْيَوِيٍّ؛ وَلَا بِمَنْزِلَةِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا، فَهَذِهِ حَقِيقَةُ حَالِ هَذِهِ الْأَمْوَالِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ رَجُلٍ وَقَفَ مَدْرَسَةً وَشَرَطَ مَنْ يَكُونُ لَهُ بِهَا وَظِيفَةٌ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ بِوَظِيفَةٍ أُخْرَى بِغَيْرِ مَدْرَسَتِهِ]
٨٥٠ - ٩ مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ وَقَفَ مَدْرَسَةً، وَشَرَطَ مَنْ يَكُونُ لَهُ بِهَا وَظِيفَةٌ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ بِوَظِيفَةٍ أُخْرَى بِغَيْرِ مَدْرَسَتِهِ، وَشَرَطَ لَهُ فِيهَا مُرَتَّبًا مَعْلُومًا. وَقَالَ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَإِذَا حَصَلَ فِي رِيعِ هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ نَقْصٌ بِسَبَبِ مَحَلٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَانَ مَا بَقِيَ مِنْ رِيعِ هَذَا الْوَقْفِ مَصْرُوفًا فِي أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ بِهَا، لِكُلٍّ مِنْهُمْ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَعْلُومِهِ بِالْمُحَاصَصَةِ.
وَقَالَ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ: وَإِذَا حَصَلَ فِي السِّعْرِ غَلَاءٌ فَلِلنَّاظِرِ أَنْ يُرَتِّبَ لَهُمْ زِيَادَةً عَلَى مَا قُرِّرَ لَهُمْ بِحَسَبِ كِفَايَتِهِمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. ثُمَّ إذَا حَصَلَ فِي رِيعِ الْوَقْفِ نَقْصٌ مِنْ جِهَةِ نَقْصِ وَقْفِهَا بِحَيْثُ إنَّهُ إذَا أُلْغِيَ هَذَا الشَّرْطُ مِنْ عَدَمِ الْجَمْعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا، يُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِ الْمَدْرَسَةِ: فَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ يَكُونُ بِهَا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا لِيَحْصُلَ لَهُ قَدْرُ كِفَايَتِهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ حَيْثُ رَاعَى الْوَاقِفُ الْكِفَايَةَ لِمَنْ يَكُونُ بِهَا، أَوْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ غَلَاءِ السِّعْرِ أَمْ لَا؟ .
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. هَذِهِ الشُّرُوطُ الْمَشْرُوطَةُ عَلَى مَنْ فِيهَا كَعَدَمِ الْجَمْعِ إنَّمَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهَا إذَا لَمْ يُفْضِ ذَلِكَ إلَى الْإِخْلَالِ بِالْمَقْصُودِ الشَّرْعِيِّ: الَّذِي هُوَ يَكُونُ أَسْمَى إمَّا وَاجِبٌ، وَإِمَّا مُسْتَحَبٌّ. فَأَمَّا الْمُحَافَظَةُ عَلَى بَعْضِ الشُّرُوطِ مَعَ فَوَاتِ الْمَقْصُودِ بِالشُّرُوطِ فَلَا يَجُوزُ. فَاشْتِرَاطُ عَدَمِ الْجَمْعِ بَاطِلٌ مَعَ ذَهَابِ بَعْضِ أَصْلِ الْوَقْفِ، وَعَدَمُ حُصُولِ الْكِفَايَةِ لِلْمُرَتَّبِ بِهَا لَا يَجِبُ الْتِزَامُهُ.
وَلَا يَجُوزُ الْإِلْزَامُ بِهِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا شُرِطَ عَلَيْهِمْ مَعَ وُجُودِ رِيعِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، سَوَاءٌ كَانَ كَامِلًا أَوْ نَاقِصًا، فَإِذَا ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْوَقْفِ لَمْ تَكُنْ الشُّرُوطُ مَشْرُوطَةً فِي هَذِهِ الْحَالِ، وَفَرْقٌ بَيْنَ نَقْصِ رِيعِ الْوَقْفِ مَعَ وُجُودِ أَصْلِهِ، وَبَيْنَ ذَهَابِ بَعْضِ أَصْلِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute