للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ غَسْلُ الْقَدَمَيْنِ فِي الْوُضُوءِ]

مَسْأَلَةٌ:

قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: غَسْلُ الْقَدَمَيْنِ فِي الْوُضُوءِ مَنْقُولٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَقْلًا مُتَوَاتِرًا، مَنْقُولٌ عَمَلُهُ بِذَلِكَ، وَأَمْرُهُ بِهِ، كَقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ، كَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرَةَ، وَعَائِشَةَ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ» . وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظٍ «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ وَبُطُونِ الْأَقْدَامِ مِنْ النَّارِ» .

فَمَنْ تَوَضَّأَ كَمَا تَتَوَضَّأُ الْمُبْتَدِعَةُ فَلَمْ يَغْسِلْ بَاطِنَ قَدَمَيْهِ وَلَا عَقِبَهُ، بَلْ مَسَحَ ظَهْرَهُمَا. فَالْوَيْلُ لِعَقِبِهِ وَبَاطِنِ قَدَمَيْهِ مِنْ النَّارِ. وَتَوَاتَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَنُقِلَ عَنْهُ الْمَسْحُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ، مِثْلُ: أَنْ يَكُونَ فِي قَدَمَيْهِ نَعْلَانِ يَشُقُّ نَزْعُهُمَا.

وَأَمَّا مَسْحُ الْقَدَمَيْنِ مَعَ طُهُورِهِمَا جَمِيعًا فَلَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَمَّا مُخَالَفَتُهُ لِلسُّنَّةِ: فَظَاهِرٌ مُتَوَاتِرٌ، وَأَمَّا مُخَالَفَةُ الْقُرْآنِ فَلِأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦] . فِيهِ قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ النَّصْبُ وَالْخَفْضُ، فَمَنْ قَرَأَ بِالنَّصْبِ، فَإِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، وَالْمَعْنَى: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ، وَأَيْدِيكُمْ، وَأَرْجُلَكُمْ إلَى الْكَعْبَيْنِ، وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ. وَمَنْ قَرَأَ بِالْخَفْضِ، فَلَيْسَ مَعْنَاهُ وَامْسَحُوا أَرْجُلَكُمْ كَمَا يَظُنُّهُ بَعْضُ النَّاسِ؛ لِأَوْجُهٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>