«مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا» . وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي مَجْلِسٍ فَلَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ، وَلَمْ يُصَلُّوا فِيهِ عَلَيَّ، إلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . وَالتِّرَةُ النَّغْصُ وَالْحَسْرَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ الصَّلَاة عَلَى غَيْر النَّبِيّ]
١٧٣ - ٨٩ مَسْأَلَةٌ:
هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُصَلَّى عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بِأَنْ يُقَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى فُلَانٍ؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. قَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ: هَلْ لِغَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُفْرَدًا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ، وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَاخْتِيَارِ جَدِّي أَبِي الْبَرَكَاتِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، وَاخْتِيَارِ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ: كَالْقَاضِي، وَابْنِ عَقِيلٍ، وَالشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ. وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك.
وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا أَعْلَمُ الصَّلَاةَ تَنْبَغِي مِنْ أَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ، إلَّا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَهُ لَمَّا ظَهَرَتْ الشِّيعَةُ، وَصَارَتْ تُظْهِرُ الصَّلَاةَ عَلَى عَلِيٍّ دُونَ غَيْرِهِ، فَهَذَا مَكْرُوهٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ عَلِيٍّ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْغُلُوِّ وَجُعِلَ ذَلِكَ شِعَارًا لِغَيْرِ الرَّسُولِ، فَهَذَا نَوْعٌ مِنْ الدُّعَاءِ، وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ} [الأحزاب: ٤٣] . وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ» . وَفِي حَدِيثِ قَبْضِ الرُّوحِ: «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك وَعَلَى جَسَدٍ كُنْت تَعْمُرِينَهُ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute