للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصَلِّ قَسْمُ الِابْتِدَاءِ وَالْوَطْءِ وَالْعِشْرَةِ وَالْمُتْعَةِ]

فَصْلٌ

وَكَذَلِكَ قَسْمُ الِابْتِدَاءِ وَالْوَطْءِ وَالْعِشْرَةِ وَالْمُتْعَةِ وَاجِبَانِ، كَمَا قَدْ قَرَّرْنَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ أَدِلَّةٍ، وَمَنْ شَكَّ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ فَقَدْ أَبْعَدَ تَأَمُّلِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالسِّيَاسَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ. ثُمَّ الْوَاجِبُ قِيلَ: مَبِيتُ لَيْلَةٍ مِنْ أَرْبَعِ لَيَالٍ، وَالْوَطْءُ فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مَرَّةً، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْمَوْلَى وَالْمُتَزَوِّجِ أَرْبَعًا. وَقِيلَ: إنَّ الْوَاجِبَ وَطْؤُهَا بِالْمَعْرُوفِ، فَيَقُلْ: وَيَكْثُرُ بِحَسَبِ حَاجَتِهَا وَقُدْرَتِهِ، كَالْقُوتِ سَوَاءٌ.

فَصْلٌ

وَكَذَلِكَ مَا عَلَيْهَا مِنْ مُوَافَقَتِهِ فِي الْمَسْكَنِ وَعِشْرَتِهِ وَمُطَاوَعَتِهِ فِي الْمُتْعَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا بِالِاتِّفَاقِ. عَلَيْهَا أَنْ تَسْكُنَ مَعَهُ فِي أَيِّ بَلَدٍ، أَوْ دَارٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ تَشْتَرِطْ خِلَافَهُ؛ وَعَلَيْهَا أَنْ لَا تُفَارِقَ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إلَّا لِمُوجِبٍ شَرْعِيٍّ، فَلَا تَنْتَقِلُ، وَلَا تُسَافِرُ، وَلَا تَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ إلَّا بِإِذْنِهِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَإِنَّهُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ» بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ وَالْأَسِيرِ، وَعَلَيْهَا تَمْكِينُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا إذَا طَلَبَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ كُلُّهُ بِالْمَعْرُوفِ غَيْرِ الْمُنْكَرِ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ اسْتِمْتَاعًا يَضُرُّ بِهَا، وَلَا يُسْكِنُهَا مَسْكَنًا يَضُرُّ بِهَا، وَلَا يَحْبِسُهَا حَبْسًا يَضُرُّ بِهَا.

[فَصَلِّ خدمة الزَّوْجَة لزوجها]

فَصْلٌ

وَتَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ: هَلْ عَلَيْهَا أَنْ تَخْدُمَهُ فِي مِثْلِ فِرَاشِ الْمَنْزِلِ؛ وَمُنَاوَلَةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْخُبْزِ، وَالطَّحْنِ، وَالطَّعَامِ لِمَمَالِيكِهِ، وَبَهَائِمِهِ: مِثْلُ عَلَفِ دَابَّتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؟ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا تَجِبُ الْخِدْمَةُ، وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ، كَضَعْفِ قَوْلِ مَنْ قَالَ: لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْعِشْرَةُ وَالْوَطْءُ، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مُعَاشَرَةً لَهُ بِالْمَعْرُوفِ؛ بَلْ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ الَّذِي هُوَ نَظِيرُ الْإِنْسَانِ وَصَاحِبُهُ فِي الْمَسْكَنِ إنْ لَمْ يُعَاوِنْهُ عَلَى مَصْلَحَةٍ لَمْ يَكُنْ قَدْ عَاشَرَهُ بِالْمَعْرُوفِ. وَقِيلَ - وَهُوَ الصَّوَابُ - وُجُوبُ الْخِدْمَةِ؛ فَإِنَّ الزَّوْجَ سَيِّدُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ؛ وَهِيَ عَانِيَةٌ عِنْدَهُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَعَلَى الْعَانِي وَالْعَبْدِ الْخِدْمَةُ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوفُ.

ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ قَالَ: تَجِبُ الْخِدْمَةُ الْيَسِيرَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: تَجِبُ الْخِدْمَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>