للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْلَمُ. وَيَحْرُمُ الِاعْتِدَاءُ فِي الدُّعَاءِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى إنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ، وَقَدْ يَكُونُ الِاعْتِدَاءُ فِي نَفْسِ الطَّلَبِ وَقَدْ يَكُونُ فِي نَفْسِ الْمَطْلُوبِ.

وَلَا يُكْرَهُ رَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ فِي الدُّعَاءِ لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَلَا يُسْتَحَبُّ.

وَإِذَا لَمْ يُخْلِصْ الدَّاعِي الدُّعَاءَ، وَلَمْ يَجْتَنِبْ الْحَرَامَ تَبْعُدُ إجَابَتُهُ إلَّا مُضْطَرًّا أَوْ مَظْلُومًا، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَدْعُوَ قَبْلَ السَّلَامِ بِمَا أَوْصَى بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ أَنْ يَقُولَهُ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ: «اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك» وَلَا يُفْرِدُ الْمُنْفَرِدُ ضَمِيرَ الدُّعَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَدْعُو لِنَفْسِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَيَكُونُ دُعَاءُ الِاسْتِخَارَةِ قَبْلَ السَّلَامِ.

وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: بَلْ وَالدُّعَاءُ سَبَبٌ لِجَلْبِ الْمَنَافِعِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ يُثَابُ عَلَيْهَا الدَّاعِي، وَلَا يَحْصُلُ بِهَا جَلْبُ الْمَنَافِعِ وَدَفْعُ الْمَضَارِّ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَإِذَا ارْتَاضَتْ نَفْسُ الْعَبْدِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَانْشَرَحَتْ بِهَا، وَتَنَعَّمَتْ بِهَا، وَبَادَرَتْ إلَيْهَا طَوَاعِيَةً، وَمَحَبَّةً: كَانَ أَفْضَلَ مِمَّنْ يُجَاهِدُ نَفْسَهُ عَلَى الطَّاعَاتِ وَيُكْرِهُهَا عَلَيْهَا.

وَهُوَ قَوْلُ الْجُنَيْدِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ عُبَّادِ الْبَصْرَةِ، وَالتَّكْبِيرُ مَشْرُوعٌ فِي الْأَمَاكِنِ الْعَالِيَةِ وَحَالَ ارْتِفَاعِ الْعَبْدِ، وَحَيْثُ يَقْصِدُ الْإِعْلَانَ: كَالتَّكْبِيرِ فِي الْأَذَانِ وَالْأَعْيَادِ وَإِذَا عَلَا شَرَفًا، وَإِذَا رَقَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ، وَإِذَا رَكِبَ دَابَّةً، وَالتَّسْبِيحُ فِي الْأَمَاكِنِ الْمُنْخَفِضَةِ، كَمَا فِي السُّنَنِ عَنْ جَابِرٍ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا عَلَوْنَا كَبَّرْنَا وَإِذَا هَبَطْنَا سَبَّحْنَا فَوُضِعَتْ الصَّلَاةُ عَلَى ذَلِكَ» .

وَفِي نَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ أَشْرَفُ الْكَلَامِ، إذْ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ، وَحَالَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ذُلٌّ وَانْخِفَاضٌ مِنْ الْعَبْدِ، فَمِنْ الْأَدَبِ مَنْعُ كَلَامِ اللَّهِ أَنْ لَا يُقْرَأَ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ وَالِانْتِظَارُ أَوْلَى.

[بَابُ مَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا]

وَالنَّفْخُ إذَا بَانَ مِنْهُ حَرْفَانِ هَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ أَمْ لَا؟ فِي الْمَسْأَلَةِ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ رِوَايَتَانِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْعَبَّاسِ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْإِبْطَالِ.

وَالسُّعَالُ، وَالْعُطَاسُ، وَالتَّثَاؤُبُ، وَالْبُكَاءُ، وَالتَّأَوُّهُ، وَالْأَنِينُ الَّذِي يُمْكِنُ دَفْعُهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>