قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: يُتَوَجَّهُ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهَا كَالْوَكِيلِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا فِي أَنَّ الْوَكِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ وُكِّلَ فِيهِ وَلَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ رَجَعَ قَبْلَ إيقَاعِ الْوَكِيلِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ أَبْرَأْتِينِي فَأَنْتَ طَالِقٌ فَقَالَتْ أَبْرَأَك اللَّهُ مِمَّا تَدَّعِي النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً.
[بَابُ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ]
وَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ يَلْزَمُنِي الطَّلَاقُ وَلَهُ أَكْثَرُ مِنْ زَوْجَةٍ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ نِيَّةٌ أَوْ سَبَبٌ يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ أَوْ التَّخْصِيصَ عُمِلَ بِهِ وَمَعَ فَقْدِ النِّيَّةِ وَالسَّبَبِ فَالتَّحْقِيقُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي وُقُوعِ الثَّلَاثِ بِذَلِكَ عَلَى الزَّوْجَةِ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ فِي الطَّلَاقِ يَكُونُ تَارَةً فِي نَفْسِهِ وَتَارَةً فِي مَحَلِّهِ وَقَدْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ عُمُومَ الْمَصْدَرِ لِأَفْرَادِهِ أَقْوَى مِنْ عُمُومِهِ الْمَأْكُولَ وَالْمَشْرُوبَ إذَا كَانَ عَامًّا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عُمُومِهِ لِأَفْرَادِهِ وَأَنْوَاعِهِ عُمُومَهُ لِمَفْعُولَاتِهِ.
وَقَوَّى أَبُو الْعَبَّاسِ: فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ لِجَمِيعِ الزَّوْجَاتِ دُونَ وُقُوعِ الثَّلَاثِ بِالزَّوْجَةِ الْوَاحِدَةِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ وُقُوعَ الثَّلَاثِ بِالْوَاحِدَةِ مُحَرَّمٌ بِخِلَافِ الْمُتَعَدِّدَاتِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْعُمُومِ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِهِ فَهَلْ تَتَعَيَّنُ وَاحِدَةٌ بِالْقُرْعَةِ أَوْ يَخْرُجُ بِتَعْيِينِهِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وَالْفَصْلُ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِكَلَامِ الْغَيْرِ وَالسُّكُوتِ لَا يَكُونُ فَصْلًا مَانِعًا مِنْ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ وَالشَّرْطُ إذَا كَانَ سُؤَالٌ سَايَرَ أَثَرٌ، وَكُلُّ هَذَا يُؤَيِّدُ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى وَهُوَ أَنَّهُمَا مَا دَامَا فِي ذَلِكَ الْكَلَامِ فَلَهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ مَا يُغَيِّرُهُ فَيَكُونُ اتِّصَالُ الْكَلَامِ الْوَاحِدِ كَاتِّصَالِ الْقَبُولِ وَالْإِيجَابِ وَلَا يُشْتَرَطُ الِاسْتِثْنَاءُ وَالشَّرْطُ وَالْعَطْفُ الْمُغَيِّرُ وَالِاسْتِثْنَاءُ بِالْمَشِيئَةِ حَيْثُ يُوَثِّرُ فِي ذَلِكَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُسْمَعَ نَفْسَهُ إذَا لَفَظَ بِهِ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: تَأَمَّلْت نُصُوصَ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فَوَجَدْته يَأْمُرُ بِاعْتِزَالِ الرَّجُلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute