زَوْجَتَهُ فِي كُلِّ يَمِينٍ حَلَفَ الرَّجُلُ عَلَيْهَا بِالطَّلَاقِ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَبَارٌّ هُوَ فِيهَا أَوْ حَانِثٌ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ أَنَّهُ بَارٌّ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ بَارٌّ فِي وَقْتٍ وَشَكَّ فِي وَقْتٍ اعْتَزَلَهَا وَقْتَ الشَّكِّ نَصَّ عَلَى فُرُوعِ هَذَا الْأَصْلِ فِي مَوَاضِعَ: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتَ طَالِقٌ.
فَإِنَّهُ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ يَعْتَزِلُهَا حَتَّى تَتَبَيَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِحَامِلٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَاضِي خِلَافًا فِي أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ كَانَ قَدْ وَطِئَهَا قَبْلَ الْيَمِينِ وَتَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّهَا إذَا لَمْ تَحِضْ وَلَمْ يَظْهَرْ بِهَا حَمْلٌ فَهَلْ يُحْكَمُ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِحَيْثُ يَجُوزُ وَطْؤُهَا وَيَتَبَيَّنُ أَنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ بِمُضِيِّ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ عَلَى وَجْهَيْنِ وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ مَنْ تَحِيضُ وَتَحْمِلُ وَأَمَّا الْآيِسَةُ وَالصَّغِيرَةُ فَإِنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يُسْتَبْرَآ بِمِثْلِ الْحَيْضَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ أَوْ شَهْرٌ وَاحِدٌ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ أَوْ يُقَالُ يَجُوزُ وَطْءُ هَذِهِ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَكُلُّ مَوْضِعٍ يَكُونُ الشَّرْطُ أَمْرًا عَدَمِيًّا يَتَبَيَّنُ فِيمَا بَعْدُ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ يَقْدَمْ زَيْدٌ أَوْ إنْ لَا يَقْدَمُ فِي هَذَا الشَّهْرِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ الْوَطْءُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ.
وَمِنْهَا إذَا وَكَّلَ وَكِيلًا فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ يَعْتَزِلُهَا حَتَّى يَدْرِي مَا فَعَلَ وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالْوُجُوبُ مُتَوَجِّهٌ.
وَمِنْهَا إذَا قَالَ: أَنْت طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَإِنَّهُ يَعْتَزِلُهَا إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ لِإِمْكَانِ أَنْ تَكُونَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ أَوَّلَ لَيْلَةٍ وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى الْمَنْعِ.
وَمِنْهَا إذَا قَالَ: أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَإِنَّهُ يَعْتَزِلُهَا أَبَدًا وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى الِاسْتِحْبَابِ.
وَمِنْهَا مَسْأَلَةُ إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا قَالَ آخَرُ: إنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا وَطَارَ وَلَمْ يُعْلَمْ مَا هُوَ فَإِنَّهُمَا يَعْتَزِلَانِ نِسَاءَهُمَا حَتَّى يَتَيَقَّنَا وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَمَا كَانَ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ مِمَّا يَئِسَا مِنْ اسْتِبَانَتِهِ فَفِيهِ مَعَ الْعِلْمِ وُقُوعُهُ ذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ الطَّائِرِ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَحْمَدَ إيقَاعُ الْحِنْثِ وَتَعْلِيلُ الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ جَعَلَ الشَّرْطَ الَّذِي لَا يُعْلَمْ بِمَنْزِلَةِ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي قَوْلِ أَحْمَدَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَلَوْ لَمْ يَشَأْ تَطْلُقُ لِأَنَّ مَشِيئَةَ الْعِبَادِ وَمَشِيئَةَ اللَّهِ لَا تُدْرَكُ مُغَيَّبَةً عَنْهُ فَإِنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ شَرْطٍ مُغَيَّبٍ لَا يُدْرَكُ يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute