الْمَجْهُولِ مَالِكُهُ إذَا وَجَبَ صَرْفُهُ فَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ إعَادَتِهِ إلَى مُسْتَحِقِّهِ فَهَلْ الْأَوْلَى إقْرَارُهُ بِأَيْدِي الظَّلَمَةِ أَوْ السَّعْيُ فِي صَرْفِهِ فِي مَصَالِحِ أَصْحَابِهِ وَالْمُسْلِمِينَ إذَا كَانَ السَّاعِي فِي ذَلِكَ مِمَّنْ يَكْرَهُ أَصْلَ أَخْذِهِ، وَلَمْ يُعِنْ عَلَى أَخْذِهِ، بَلْ سَعَى فِي مَنْعِ أَخْذِهِ، فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ يَنْبَغِي التَّفَطُّنُ لَهَا، وَإِلَّا دَخَلَ الْإِنْسَانُ فِي فِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ، أَوْ فِي تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ، فَإِنَّ الْإِعَانَةَ عَلَى الظُّلْمِ مِنْ فِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ وَإِذَا لَمْ تُمْكِنْ الْوَاجِبَاتُ إلَّا بِالصَّرْفِ الْمَذْكُورِ كَانَ تَرْكُهُ مِنْ تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ، وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ إلَّا إقْرَارُهُ بِيَدِ الظَّالِمِ، أَوْ صَرْفُهُ فِي الْمَصَالِحِ كَانَ النَّهْيُ، عَنْ صَرْفِهِ فِي الْمَصَالِحِ إعَانَةً عَلَى زِيَادَةِ الظُّلْمِ الَّتِي هِيَ إقْرَارُهُ بِيَدِ الظَّالِمِ، فَكَمَا يَجِبُ إزَالَةُ الظُّلْمِ يَجِبُ تَقْلِيلُهُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ إزَالَتِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَصْلٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ الشُّبُهَاتِ يَنْبَغِي صَرْفُهَا فِي الْأَبْعَدِ عَنْ الْمَنْفَعَةِ، فَالْأَبْعَدِ كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ
فِي كَسْبِ الْحِجَامِ بِأَنْ يُطْعِمَهُ الرَّقِيقَ وَالنَّاضِجَ فَالْأَقْرَبُ مَا دَخَلَ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ مَا وَلِيَ الظَّاهِرُ مِنْ اللِّبَاسِ مَا سَتَرَ مَعَ الِانْفِصَالِ مِنْ الْبِنَاءِ، ثُمَّ مَا عَرَضَ مِنْ الرُّكُوبِ وَنَحْوِهِ فَهَكَذَا تَرْتِيبُ الِانْتِفَاعِ فِي الرِّزْقِ، وَكَذَلِكَ أَصْحَابُنَا يَفْعَلُونَ.
[مَسْأَلَةٌ فِي قَوْمٍ أَرْسَلُوا قَوْمًا فِي مَصَالِحَ لَهُمْ وَيُعْطُونَهُمْ نَفَقَةً]
١٠٥٨ - ٣٤ مَسْأَلَةٌ:
فِي قَوْمٍ أَرْسَلُوا قَوْمًا فِي مَصَالِحَ لَهُمْ وَيُعْطُونَهُمْ نَفَقَةً، فَهَلْ يَحِلُّ لَهُمْ أَكْلُ ذَلِكَ وَاسْتِدَانَةُ تَمَامِ نَفَقَتِهِمْ وَمُخَالَطَتِهِمْ.
الْجَوَابُ: إذَا أَعْطَاهُمْ الَّذِينَ بَعَثُوهُمْ مَا يُنْفِقُوا مِنْهُ جَازَ ذَلِكَ وَعَلَيْهِمْ تَمَامُ نَفَقَتِهِمْ مَا دَامُوا فِي حَوَائِجِهِمْ، وَيَجُوزُ مُخَالَطَتُهُمْ.
[مَسْأَلَةٌ فِي رَجُلٍ مُتَوَلَّى وِلَايَاتٌ وَمُقْطَعٌ إقْطَاعَاتٌ]
١٠٥٩ - ٣٥ مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ مُتَوَلَّى وِلَايَاتٌ، وَمُقْطَعٌ إقْطَاعَاتٌ، وَعَلَيْهَا مِنْ الْكُلَفِ السُّلْطَانِيَّةِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَهُوَ يَخْتَارُ أَنْ يُسْقِطَ الظُّلْمَ كُلَّهُ، وَيَجْتَهِدَ فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إنْ تَرَكَ ذَلِكَ وَأَقْطَعَهَا غَيْرَهُ وَوَلَّى غَيْرَهُ، فَإِنَّ الظُّلْمَ لَا يَتْرُكُ مِنْهُ شَيْئًا، بَلْ رُبَّمَا يَزْدَادُ، وَهُوَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُخَفِّفَ تِلْكَ الْمُكُوسَ الَّتِي فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute