للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إقْطَاعِهِ، فَيُسْقِطُ النِّصْفَ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ جِهَةُ مَصَارِفَ لَا يُمْكِنُهُ إسْقَاطُهُ، فَإِنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهُ لِتِلْكَ الْمَصَارِفِ عِوَضَهَا، وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّهَا، فَهَلْ يَجُوزُ لِمِثْلِ هَذَا بَقَاؤُهُ عَلَى وِلَايَتِهِ وَإِقْطَاعِهِ، قَدْ عَرَفْت نِيَّتَهُ وَاجْتِهَادَهُ، وَمَا رَفَعَهُ مِنْ الظُّلْمِ بِحَسَبِ إمْكَانِهِ، أَمْ عَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَ يَدَهُ عَنْ هَذِهِ الْوِلَايَةِ وَالْإِقْطَاعِ، وَهُوَ إذَا رَفَعَ يَدَهُ لَا يَزُولُ الظُّلْمُ، بَلْ يَبْقَى وَيَزْدَادُ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى الْوِلَايَةِ وَالْإِقْطَاعِ كَمَا ذُكِرَ؟ وَهَلْ عَلَيْهِ إثْمٌ فِي هَذَا الْفِعْلِ أَمْ لَا؟ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إثْمٌ فَهَلْ يُطَالَبُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَأَيُّ الْأَمْرَيْنِ خَيْرٌ لَهُ: أَنْ يَسْتَمِرَّ مَعَ اجْتِهَادِهِ فِي رَفْعِ الظُّلْمِ وَتَقْلِيلِهِ، أَمْ رَفْعُ يَدِهِ مَعَ بَقَاءِ الظُّلْمِ وَزِيَادَةٍ؟ وَإِذَا كَانَتْ الرَّعِيَّةُ تَخْتَارُ بَقَاءَ يَدِهِ لِمَا لَهَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ بِهِ، وَرَفْعِ مَا رَفَعَهُ مِنْ الظُّلْمِ، فَهَلْ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يُوَافِقَ الرَّعِيَّةَ أَمْ يَرْفَعَ يَدَهُ، وَالرَّعِيَّةُ تَكْرَهُ ذَلِكَ لِعِلْمِهَا أَنَّ الظُّلْمَ يَبْقَى وَيَزْدَادُ بِرَفْعِ يَدِهِ؟ .

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ نَعَمْ إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا فِي الْعَدْلِ وَرَفْعِ الظُّلْمِ بِحَسَبِ إمْكَانِهِ، وَوِلَايَتُهُ خَيْرٌ

وَأَصْلَحُ لِلْمُسْلِمِينَ

مِنْ وِلَايَةِ غَيْرِهِ، وَاسْتِيلَاؤُهُ عَلَى الْإِقْطَاعِ خَيْرٌ مِنْ اسْتِيلَاءِ غَيْرِهِ، كَمَا قَدْ ذَكَرَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى الْوِلَايَةِ وَالْإِقْطَاعِ، وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، بَلْ بَقَاؤُهُ عَلَى ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهِ إذَا لَمْ يَشْتَغِلْ إذَا تَرَكَهُ بِمَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ.

وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَاجِبًا إذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ غَيْرُهُ قَادِرًا عَلَيْهِ، فَنَشْرُ الْعَدْلِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَرَفْعُ الظُّلْمِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، يَقُومُ كُلُّ إنْسَانٍ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ مَقَامَهُ، وَلَا يُطَالَبُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ بِمَا يَعْجِزُ عَنْهُ مِنْ رَفْعِ الظُّلْمِ.

وَمَا يُقَرِّرُهُ الْمُلُوكُ مِنْ الْوَظَائِفِ الَّتِي لَا يُمْكِنُهُ رَفْعُهَا لَا يُطْلَبُ بِهَا، وَإِذَا كَانُوا هُمْ وَنُوَّابُهُمْ يَطْلُبُونَ أَمْوَالًا لَا يُمْكِنُ دَفْعُهَا إلَّا بِإِقْرَارِ بَعْضِ تِلْكَ الْوَظَائِفِ، وَإِذَا لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِمْ أُعْطُوا تِلْكَ الْإِقْطَاعَاتِ وَالْوِلَايَةَ لِمَنْ يُقَرِّرُ الظُّلْمَ أَوْ يَزِيدُهُ وَلَا يُخَفِّفُهُ.

كَانَ أَخْذُ تِلْكَ الْوَظَائِفِ وَدَفْعُهَا إلَيْهِمْ خَيْرٌ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ إقْرَارِهَا كُلِّهَا.

وَمَنْ صَرَفَ مِنْ هَذِهِ إلَى الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ فَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ غَيْرِهِ، وَمَنْ تَنَاوَلَهُ مِنْ هَذَا شَيْءٌ أَبْعَدُ عَنْ الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ مِنْ غَيْرِهِ وَالْمُقْطَعُ الَّذِي يَفْعَلُ هَذَا الْخَيْرَ يَرْفَعُ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>