وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ نَوْعُهُ فِي بَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ، وَالْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي: مَا لَمْ يُسَنَّ لَهُ الِاجْتِمَاعُ الْمُعْتَادُ الدَّائِمِ: كَالتَّعْرِيفِ فِي الْأَمْصَارِ، وَالدُّعَاءِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ عَقِبَ الْفَجْرِ، وَالْعَصْرِ، وَالصَّلَاةِ، وَالتَّطَوُّعِ الْمُطْلَقِ فِي جَمَاعَةٍ، وَالِاجْتِمَاعِ لِسَمَاعِ الْقُرْآنِ وَتِلَاوَتِهِ، أَوْ سَمَاعِ الْعِلْمِ، وَالْحَدِيثِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذِهِ الْأُمُورُ لَا يُكْرَهُ الِاجْتِمَاعُ لَهَا مُطْلَقًا، وَلَمْ يُسَنَّ مُطْلَقًا، بَلْ الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهَا بِدْعَةٌ فَيُسْتَحَبُّ أَحْيَانَا، وَيُبَاحُ أَحْيَانًا وَتُكْرَهُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهَا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى الدُّعَاءِ، وَالْقِرَاءَةِ، وَالذِّكْرِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ فِي الْمُدَاوَمَةِ أَمْرٌ عَظِيمٌ يَنْبَغِي التَّفَطُّنُ لَهُ.
[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]
وَيُجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَلَوْ نَهَارًا، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ.
وَتُصَلَّى صَلَاةُ الْكُسُوفِ لِكُلِّ آيَةٍ كَالزَّلْزَلَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَقَوْلُ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ، وَلَا كُسُوفَ إلَّا فِي ثَامِنٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ تَاسِعٍ وَعِشْرِينَ، وَلَا خُسُوفَ إلَّا فِي إبْدَارِ الْقَمَرِ، وَالتَّوَسُّلِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَسْأَلَةِ الْيَمِينِ بِهِ وَالتَّوَسُّلِ بِالْإِيمَانِ بِهِ، وَطَاعَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ، وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ مِمَّا هُوَ فِعْلُهُ، أَوْ أَفْعَالُ الْعِبَادِ الْمَأْمُورُ بِهَا فِي حَقِّهِ مَشْرُوعٌ إجْمَاعًا وَهُوَ مِنْ الْوَسِيلَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي قَوْلِهِ: {اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: ٣٥] .
وَقَصْدُ الْقَبْرِ لِلدُّعَاءِ عِنْدَهُ رَجَاءَ الْإِجَابَةِ بِدْعَةٌ لَا قُرْبَةٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَقَوْلُ الْقَائِلِ: أَنَا فِي بَرَكَةِ فُلَانٍ وَتَحْتَ نَظَرِهِ إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ نَظَرَهُ وَبَرَكَتَهُ مُسْتَقِلَّةٌ بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ، وَدَفْعِ الْمَضَارِّ، فَكَذَبَ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ فُلَانًا دَعَا لِي فَانْتَفَعْت بِدُعَائِهِ، أَوْ أَنَّهُ عَلَّمَنِي وَأَدَّبَنِي فَأَنَا فِي بَرَكَةِ مَا انْتَفَعْت بِهِ مِنْ تَعْلِيمِهِ وَتَأْدِيبِهِ فَصَحِيحٌ. وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ يَجْلِبُ الْمَنَافِعَ، وَيَدْفَعُ الْمَضَارَّ، أَوْ مُجَرَّدُ صَلَاحِهِ وَدِينِهِ وَقُرْبِهِ مِنْ اللَّهِ يَنْفَعُنِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَكَذَبَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute