بِهَا كِسْوَةً وَأَعْطَاهُ فَقَدْ أَحْسَنَ إلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا قَوَّمَ هُوَ الثِّيَابَ الَّتِي عِنْدَهُ وَأَعْطَاهَا فَقَدْ يُقَوِّمُهَا بِأَكْثَرَ مِنْ السِّعْرِ، وَقَدْ يَأْخُذُ الثِّيَابَ مَنْ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا، بَلْ يَبِيعُهَا فَيَغْرَمُ أُجْرَةَ الْمُنَادِي، وَرُبَّمَا خَسِرَتْ فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ.
وَالْأَصْنَافُ الَّتِي يُتَّجَرُ فِيهَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهَا جَمِيعًا دَرَاهِمَ بِالْقِيمَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ دَرَاهِمُ فَأَعْطَى ثَمَنَهَا بِالْقِيمَةِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ وَاسَى الْفُقَرَاءَ فَأَعْطَاهُمْ مِنْ جِنْسِ مَالِهِ، وَأَمَّا الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْمَيِّتِ فَيَجُوزُ أَنْ يُوَفَّى مِنْ الزَّكَاةِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَالْغَارِمِينَ} [التوبة: ٦٠] وَلَمْ يَقُلْ: وَلِلْغَارِمِينَ، فَالْغَارِمُ لَا يُشْتَرَطُ تَمْلِيكُهُ عَلَى هَذَا، وَهَذَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ عَنْهُ، وَأَنْ يَمْلِكَ لِوَارِثِهِ وَلِغَيْرِهِ وَلَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا يُعْطِي لِيَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ بَيْعُ الْمَغْشُوشِ الَّذِي يُعْرَفُ قَدْرُ غِشِّهِ]
٨٣١ - ٥٣ - مَسْأَلَةٌ:
وَمَا يَقُولُ سَيِّدُنَا فِي النَّسَّاجِينَ إذَا لَبِسُوا نِسَاجَتَهُمْ بِعَجِينٍ أَوْ لُبَابٍ وَبُيِّنَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ لِلْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْمُدَلِّسِ ثَمَنُ ذَلِكَ أَمْ لَا. أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكُمْ.
فَأَجَابَ: وَبَيْعُ الْمَغْشُوشِ الَّذِي يُعْرَفُ قَدْرُ غِشِّهِ: إذَا عَرَفَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ وَلَمْ يُدَلِّسْهُ عَلَى غَيْرِهِ جَائِزٌ: كَالْمُعَامَلَةِ بِدَرَاهِمِنَا الْمَغْشُوشَةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَدْرُهُ مَجْهُولًا كَاللَّبَنِ الَّذِي يُخْلَطُ بِالْمَاءِ، وَلَا يُقَدَّرُ قَدْرَ الْمَاءِ فَهَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَغْشُوشٌ، وَمَنْ بَاعَ مَغْشُوشًا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا مِقْدَارُ ثَمَنِ الْغِشِّ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ لِصَاحِبِهِ أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ، إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ.
مِثْلَ مَنْ يَبِيعُ مَعِيبًا مَغْشُوشًا بِعَشَرَةٍ، وَقِيمَتُهُ لَوْ كَانَ سَالِمًا عَشَرَةٌ وَبِالْعَيْبِ قِيمَتُهُ ثَمَانِيَةٌ، فَعَلَيْهِ إنْ عَرَّفَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الدِّرْهَمَيْنِ إنْ اخْتَارَ وَإِلَّا رَدَّ إلَيْهِ الْمَبِيعَ، وَإِنْ لَمْ يُعَرِّفْهُ تَصَدَّقَ عَنْهُ بِالدِّرْهَمَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute