الْإِنْسَانِ إلَى أَنْوَاعِهِ وَانْقِسَامِ جِنْسِ الْمَوْجُودِ إلَى الْقَدِيمِ وَالْمُحْدَثِ وَكَذَلِكَ جِنْسُ الْعِلْمِ وَالْكَلَامِ وَغَيْرِهِمَا إلَى الْقَدِيمِ وَالْمُحْدَثِ وَهَذِهِ الْقِسْمَةُ وَالتَّبْعِيضُ لَيْسَ هَذِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فِي الْعَالَمِ فَإِنَّ هَذَا نَفْيٌ لِلْقِسْمَةِ عَنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ مَوْجُودٍ فِي الْخَارِجِ وَذَاكَ نَفْيٌ لِلْقِسْمَةِ عَنْ كُلِّيٍّ لَا يُوجَدُ فِي الْخَارِجِ كُلِّيًّا بِحَالٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْخَارِجِ إنْسَانٌ كُلِّيٌّ يَنْقَسِمُ، وَلَا وُجُودُ كُلٍّ يَنْقَسِمُ، وَلَا عِلْمٌ أَوْ كَلَامٌ كُلِّيٌّ يَنْقَسِمُ.
وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ نَفْيَ هَذَا وَإِنْ قَصَدَ نَفْيَهُ فَهَذَا مِمَّا لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ عَاقِلٌ لَا فِي كَلَامِ الْمَخْلُوقِ وَلَا فِي كَلَامِ الْخَالِقِ فَلَيْسَ فِي الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ كَلَامٌ كُلِّيٌّ هُوَ بِعَيْنِهِ يَنْقَسِمُ إلَى أَمْرٍ وَنَهْيٍ بَلْ إنْ كَانَ أَمْرًا لَمْ يَكُنْ نَهْيًا وَإِنْ كَانَ نَهْيًا لَمْ يَكُنْ أَمْرًا وَلِهَذَا يَجِبُ فِي الْكُلِّيِّ الْمَقْسُومِ أَنْ يُقَالَ اسْمُهُ عَلَى أَنْوَاعِهِ وَأَقْسَامِهِ فَيُسَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْإِنْسَانِ إنْسَانًا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ الْكَلَامِ كَلَامًا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ الْعُلُومِ أَنَّهُ عِلْمٌ وَهَذَا الْفَرْقُ هُوَ الْفَرْقُ الَّذِي يَذْكُرُهُ النَّاسُ لِمُتَعَلِّمِ الْعَرَبِيَّةِ فِي أَوَّلِ التَّعْلِيمِ فَيَقُولُونَ مَنْ قَالَ الْكَلَامُ يَنْقَسِمُ إلَى اسْمٍ وَفِعْلٍ وَحَرْفٍ فَإِنَّهُ يُرِيدُ قِسْمَةَ الْكُلِّ إلَى أَجْزَائِهِ وَأَبْعَاضِهِ.
وَأَمَّا مَنْ أَرَادَ تَقْسِيمَ الْجِنْسِ فَإِنَّهُ يَقُولُ الْكَلِمَةُ تَنْقَسِمُ إلَى اسْمٍ وَفِعْلٍ وَحَرْفٍ فَإِنَّ الْجِنْسَ إذَا قُسِّمَ إلَى أَنْوَاعِهِ أَوْ أَشْخَاصِ أَنْوَاعِهِ أَوْ النَّوْعُ إذَا قُسِّمَ إلَى أَشْخَاصِهِ كَانَ اسْمُ الْمَقْسُومِ صَادِقًا عَلَى الْأَنْوَاعِ وَالْأَشْخَاصِ، وَإِلَّا فَلَيْسَتْ بِأَقْسَامٍ لَهُ وَسَوَاءٌ أَرَادَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُرِدْهُ فَأَيُّ نَوْعَيْ الْقِسْمَةِ أَرَادَ فَإِنَّ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ نَوْعَيْهَا لَا يَكُونُ هَذَا الْقِسْمُ هُوَ هَذَا الْقِسْمَ فَلَا يَقُولُ أَحَدٌ إنَّ الْكَلَامَ الْكُلِّيَّ الْمُنْقَسِمَ إلَى أَمْرٍ وَنَهْيٍ الْأَمْرُ فِيهِ هُوَ النَّهْيُ وَلَا أَنَّ الْكَلَامَ الْمَوْجُودَ الْمُعَيَّنَ الْمُنْقَسِمَ إلَى أَبْعَاضِهِ كَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ أَوْ الِاسْمُ وَالْفِعْلُ وَالْحَرْفُ يَكُونُ الْأَمْرُ فِيهِ هُوَ النَّهْيُ وَالِاسْمُ فِيهِ هُوَ الْحَرْفُ فَإِنَّهُمْ اخْتَارُوهُ مِنْ الْقِسْمَيْنِ كَانَ قَوْلُهُمْ مُخَالِفًا لِلْبَدِيهَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا بَيْنَ الْعُقَلَاءِ.
[الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ نَفْيُ الْقِسْمَيْنِ جَمِيعًا عَنْ كَلَامِ اللَّهِ]
الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: إنَّ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ نَفْيُ الْقِسْمَيْنِ جَمِيعًا عَنْ كَلَامِ اللَّهِ فَإِنَّ الْمَعْقُولَ فِي الْكَلَامِ سَوَاءٌ قُدِّرَ كُلِّيًّا أَوْ مَوْجُودًا مُعَيَّنًا أَنَّ مِنْهُ مَا هُوَ أَمْرٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ خَبَرٌ فَإِذَا أُرِيدَ قِسْمَةُ الْكُلِّ قَبْلَ الْكَلَامِ وَالْقَوْلُ يَنْقَسِمُ إلَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَيَكُونُ الْأَمْرُ مَوْجُودًا وَالنَّهْيُ مَوْجُودًا وَكِلَاهُمَا يُقَالُ لَهُ كَلَامٌ وَيُقَالُ لَهُ قَوْلٌ وَأَمَّا كَلَامٌ هُوَ بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي الْخَارِجِ وَهُوَ بِعَيْنِهِ أَمْرٌ وَنَهْيٌ فَهَذَا لَا يَكُونُ وَإِذَا أُرِيدَ قِسْمَةُ الْكُلِّيِّ قِيلَ هَذَا الْكَلَامُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute