للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ]

وَالتَّطَوُّعُ يَكْمُلُ بِهِ صَلَاةُ الْفَرْضِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُصَلِّي أَتَمَّهَا وَفِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ، وَكَذَلِكَ الزَّكَاةُ وَبَقِيَّةُ الْأَعْمَالِ.

وَاسْتِيعَابُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ بِالْعِبَادَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا أَفْضَلُ مِنْ جِهَادٍ لَمْ يَذْهَبْ فِيهِ نَفْسُهُ وَمَالُهُ، وَالْعِبَادَةُ فِي غَيْرِهِ تَعْدِلُ الْجِهَادَ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَقَدْ رَوَاهَا أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.

وَالْعَمَلُ بِالْقَوْسِ وَالرُّمْحِ أَفْضَلُ مِنْ الرِّبَاطِ فِي الثَّغْرِ وَفِي غَيْرِهِ نَظِيرُهَا وَمِنْ طَلَبِ الْعِلْمَ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ آجِرٌ فِي نَفْسِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَحَبَّةِ لَهُ لَا لِلَّهِ وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ الشُّرَكَاءِ فَلَيْسَ مَذْمُومًا بَلْ قَدْ يُثَابُ بِأَنْوَاعٍ مِنْ الثَّوَابِ إمَّا بِزِيَادَةٍ فِيهَا، وَفِي أَمْثَالِهَا فَتَنْعَمُ بِذَلِكَ، وَإِمَّا بِغَيْرِ ذَلِكَ.

وَتَعَلُّمُ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمُهُ يَدْخُلُ بَعْضُهُ فِي الْجِهَادِ، وَأَنَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْجِهَادِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ.

وَأَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَالِمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ اللَّهُ بِعِلْمِهِ، فَذَنْبُهُ مِنْ جِنْسِ ذَنْبِ الْيَهُودِ.

وَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَطْلَقُوا الْقَوْلَ بِأَنَّ أَفْضَلَ مَا تَطَوَّعَ بِهِ الْجِهَادُ، وَذَلِكَ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَهُ تَطَوُّعًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضِ عَيْنٍ عَلَيْهِ بِحَيْثُ إنَّ الْفَرْضَ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ وَإِذَا بَاشَرَهُ، وَقَدْ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُ، فَهَلْ يَقَعُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا عَلَى وَجْهَيْنِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إذَا أَعَادَهَا بَعْدَ أَنْ صَلَّاهَا غَيْرُهُ، وَانْبَنَى عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ جَوَازُ فِعْلِهَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ مَرَّةً ثَانِيَةً، وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ يَقَعُ فَرْضًا وَأَنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُهَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ، وَإِنْ كَانَ ابْتِدَاءُ الدُّخُولِ فِي ذَلِكَ تَطَوُّعًا كَمَا فِي التَّطَوُّعِ الَّذِي يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فَإِنَّهُ كَانَ نَفْلًا ثُمَّ يَصِيرُ إتْمَامُهُ فَرْضًا. وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ وَالذِّكْرُ بِقَلْبٍ أَفْضَلُ مِنْ الْقُرْآنِ بِلَا قَلْبٍ.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: فِي رَدِّهِ عَلَى الرَّافِضِيِّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ تَفْضِيلَ أَحْمَدَ لِلْجِهَادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>