للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالشَّافِعِيِّ لِلصَّلَاةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ لِلْعِلْمِ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِكُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ، وَقَدْ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ أَفْضَلُ فِي حَالٍ كَفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُلَفَائِهِ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ وَالْحَاجَةِ وَيُوَافِقُ هَذَا قَوْلَ إبْرَاهِيمَ بْنِ جَعْفَرٍ لِأَحْمَدَ الرَّجُلُ يَبْلُغُنِي عَنْهُ صَلَاحٌ، فَأَذْهَبُ فَأُصَلِّي خَلْفَهُ قَالَ: قَالَ لِي أَحْمَدُ: اُنْظُرْ إلَى مَا هُوَ أَصْلَحُ لِقَلْبِك فَافْعَلْهُ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: مَعْرِفَةُ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ أَعْجَبُ إلَيَّ مِنْ حِفْظِهِ. وَيَجِبُ الْوِتْرُ عَلَى مَنْ يَتَهَجَّدُ بِاللَّيْلِ، وَهُوَ مَذْهَبُ بَعْضِ مَنْ يُوجِبُهُ مُطْلَقًا وَيُخَيَّرُ فِي الْوِتْرِ بَيْنَ فَصْلِهِ وَوَصْلِهِ، وَفِي دُعَائِهِ بَيْنَ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ، وَالْوِتْرُ لَا يُقْضَى إذَا فَاتَ لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ بِفَوَاتِ وَقْتِهِ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَلَا يَقْنُتُ فِي غَيْرِ الْوِتْرِ، إلَّا أَنْ تَنْزِلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ فَيَقْنُتَ كُلُّ مُصَلٍّ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ، لَكِنَّهُ فِي الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ آكَدُ بِمَا يُنَاسِبُ تِلْكَ النَّازِلَةِ، وَإِذَا صَلَّى قِيَامَ رَمَضَانَ فَإِنْ قَنَتَ جَمِيعَ الشَّهْرِ، أَوْ نِصْفَهُ الْأَخِيرِ، أَوْ لَمْ يَقْنُتْ بِحَالٍ فَقَدْ أَحْسَنَ وَالتَّرَاوِيحُ إنْ صَلَّاهَا كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ: عِشْرِينَ رَكْعَةً أَوْ: كَمَذْهَبِ مَالِكٍ سِتًّا وَثَلَاثِينَ، أَوْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ فَقَدْ أَحْسَنَ.

كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لِعَدَمِ التَّوْقِيفِ فَيَكُونُ تَكْثِيرُ الرَّكَعَاتِ وَتَقْلِيلُهَا بِحَسَبِ طُولِ الْقِيَامِ وَقِصَرِهِ، وَمَنْ صَلَّاهَا قَبْلَ الْعِشَاءِ فَقَدْ سَلَكَ سَبِيلَ الْمُبْتَدِعَةِ الْمُخَالِفِينَ لِلسُّنَّةِ، وَيَقْرَأُ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فِي الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ سُورَةَ (الْقَلَمِ) لِأَنَّهَا أَوَّلُ مَا نَزَلَ، وَنَقَلَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَارِثُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَهُوَ أَحْسَنُ مِمَّا نَقَلَهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ بِهَا التَّرَاوِيحَ.

وَمِنْ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَيْسَ لِلْعَصْرِ سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ، وَمَا تَبَيَّنَ فِعْلُهُ مُنْفَرِدًا كَقِيَامِ اللَّيْلِ وَصَلَاةِ الضُّحَى وَنَحْوِ ذَلِكَ إنْ فَعَلَ فِي جَمَاعَةٍ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ لَكِنْ لَا يُتَّخَذُ سُنَّةً رَاتِبَةً.

وَتُسْتَحَبُّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى صَلَاةِ الضُّحَى إنْ لَمْ يَقُمْ فِي لَيْلَةٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ بَعْضِ مَنْ يَسْتَحِبُّ الْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهَا مُطْلَقًا.

قُلْت: لَكِنْ أَبُو الْعَبَّاسِ لَهُ قَاعِدَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَهِيَ مَا لَيْسَ مِنْ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ لَا يُدَاوَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>