الْمَعْنَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: ٢٢٠] .
[مَسْأَلَةٌ وَصِيٍّ يَتِيمٍ وَهُوَ يَتَّجِرُ لَهُ وَلِنَفْسِهِ بِمَالِهِ]
٩٦٣ - ٢٨ وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: عَنْ وَصِيٍّ يَتِيمٍ، وَهُوَ يَتَّجِرُ لَهُ وَلِنَفْسِهِ بِمَالِهِ، فَاشْتَرَى لِلْيَتِيمِ صِنْفًا، ثُمَّ بَاعَهُ وَاشْتَرَى لَهُ بِثَمَنِهِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اشْتَرَى الْمَذْكُورَ، وَمَاتَ وَلَمْ يُعَيِّنْ: هَلْ هُوَ لِأَحَدِهِمْ أَوْ لَهُمَا. فَهَلْ يَكُونُ الصِّنْفُ لِوَرَثَةِ الْوَصِيِّ أَوْ لِلْيَتِيمِ؟
فَأَجَابَ: إذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِهِ إلَّا بِمَالِهِ وَحْدَهُ، وَبِمَالِ الْيَتِيمِ وَحْدَهُ، فَإِنَّهُ لِأَحَدِهِمَا: يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ: هَلْ يُمْكِنُ عِلْمُهُ بِأَنْ يُعْرَفَ مِقْدَارُ مَالِ الْيَتِيمِ. وَمِقْدَارُ مَالِ نَفْسِهِ.
وَيُنْظَرَ فِي دَفَاتِرِ الْحِسَابِ، وَمَا كَتَبَهُ بِخَطِّهِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مَالُ الْيَتِيمِ مُتَمَيِّزًا بِأَنْ يَكُونَ مَا اشْتَرَاهُ بِكُتُبِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ كَانَ مِمَّا لَمْ يَكْتُبْهُ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَانَ فِيهِ لِلْفُقَهَاءِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَهُمَا كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، كَمَا لَوْ تَدَاعَيَا عَيْنًا يَدُهُمَا عَلَيْهَا.
الثَّانِي: يُوقَفُ الْأَمْرُ حَتَّى يَصْطَلِحَا، كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ، لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ.
وَالثَّالِثُ: وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ حَلَفَ وَأَخَذَ، لِمَا فِي السُّنَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا فِي مَتَاعٍ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَهِمَا عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
وَفِي لَفْظٍ لِأَبِي دَاوُد «إذَا كَرِهَ الِاثْنَانِ الْيَمِينَ، أَوْ اسْتَحَبَّاهَا فَلْيَسْتَهِمَا عَلَيْهِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلَفْظُهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَضَ عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ فَأَسْرَعُوا، فَأَمَرَ أَنْ يُسْهَمَ بَيْنَهُمْ أَيُّهُمْ يَحْلِفُ» وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute