للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَوَابُ: أَمَّا التَّبَسُّمُ فَلَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَأَمَّا إذَا قَهْقَهَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ، وَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ؛ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فِي أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ، لِكَوْنِهِ أَذْنَبَ ذَنْبًا، وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، فَإِنَّ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ النَّحْنَحَةُ وَالسُّعَالُ وَالنَّفْخُ وَالْأَنِينُ فِي الصَّلَاةِ]

١٨٨ - ١٠٤ - مَسْأَلَةٌ:

فِي النَّحْنَحَةِ، وَالسُّعَالِ، وَالنَّفْخِ، وَالْأَنِينِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ: فَهَلْ تَبْطُلُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَأَيُّ شَيْءٍ الَّذِي تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ مِنْ هَذَا أَوْ غَيْرِهِ؟ وَفِي أَيِّ مَذْهَبٍ؟ وَأَيْشٍ الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ؟

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ» .

وَقَالَ: «إنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ، وَمِمَّا أَحْدَثَ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ» قَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ: فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَنُهِينَا عَنْ الْكَلَامِ. وَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ: عَلَى أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ عَامِدًا وَهُوَ لَا يُرِيدُ إصْلَاحَ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهَا أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ، وَالْعَامِدُ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ، وَأَنَّ الْكَلَامَ مُحَرَّمٌ.

قُلْتُ: وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ وَالْمُتَكَلِّمِ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ، وَفِي ذَلِكَ كُلُّهُ نِزَاعٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ. إذَا عُرِفَ ذَلِكَ فَاللَّفْظُ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ.

أَحَدُهَا: أَنْ يَدُلَّ عَلَى مَعْنًى بِالْوَضْعِ إمَّا بِنَفْسِهِ، وَإِمَّا مَعَ لَفْظٍ غَيْرِهِ، كَفِي، وَعَنْ، فَهَذَا الْكَلَامُ مِثْلُ: يَدٍ، وَدَمٍ، وَفَمٍ، وَخُذْ.

الثَّانِي: أَنْ يَدُلَّ عَلَى مَعْنًى بِالطَّبْعِ كَالتَّأَوُّهِ، وَالْأَنِينِ، وَالْبُكَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَدُلَّ عَلَى مَعْنًى لَا بِالطَّبْعِ وَلَا بِالْوَضْعِ، كَالنَّحْنَحَةِ فَهَذَا الْقِسْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>