للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى هَذَا مَنْ حَلَفَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ مُغَيَّبٌ لَا يُدْرَكُ لَكِنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي أَكْثَرِ الْمَوَاضِعِ إنَّمَا فِيهِ الْأَمْرُ بِالِاعْتِزَالِ فَقَطْ وَهَذَا فِقْهٌ حَسَنٌ فَإِنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَلَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ عَلَى أَمْرٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي يَمِينِهِ كَانَ آثِمًا بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ أَنَّهُ كَاذِبٌ فَكَذَلِكَ يَمِينُ الطَّلَاقِ وَأَشَدُّ.

وَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ إذَا شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلِاعْتِزَالِ فَيَنْتَظِرُ هَلْ يُؤْمَرُ بِاعْتِزَالٍ هُنَا أَمْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ هَذَا لَمْ يَحْلِفْ يَمِينًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ شَكَّ هَلْ حَلَفَ أَمْ لَا؟ قَالَ فِي " الْمُحَرَّرِ ": وَتَمَامُ التَّوَرُّعِ فِي الشَّكِّ قَطْعُهُ بِرَجْعَةٍ أَوْ عَقْدٍ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَفُرْقَةٌ مُتَيَقَّنَةٌ بِأَنْ يَقُولَ: إنْ لَمْ يَكُنْ طَلَّقْت فَهِيَ طَالِقٌ وَقَالَ الْقَاضِي: أَمَّا فِي الْوَرَعِ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ مَتَى طَلَّقَ فَإِنَّمَا يُطَلِّقُ وَاحِدَةً لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا بِدْعَةٌ أَلْزَمَ نَفْسَهُ طَلْقَةً وَرَاجَعَهَا فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ قَدْ وُجِدَ فَقَدْ رَاجَعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ فَمَا ضَرَّهُ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ مَتَى طَلَّقَ فَإِنَّمَا يُطَلِّقُ ثَلَاثًا أَلْزَمَ نَفْسَهُ ثَلَاثًا وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُوقِعُ عَدَدَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ فَتَحِلُّ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَزْوَاجِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَتَى أَوْقَعَ الشَّكَّ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَالْأَوْلَى اسْتِيفَاءُ النِّكَاحِ بَلْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ إيقَاعُهُ لِأَجْلِ الشَّكِّ إنَّ الطَّلَاقَ بَغِيضٌ إلَى الرَّحْمَنِ حَبِيبٌ إلَى الشَّيْطَانِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِصَّةُ هَارُوتَ وَمَارُوتَ، وَأَيْضًا فَإِنَّ النِّكَاحَ دَوَامُهُ آكَدُ مِنْ ابْتِدَائِهِ كَالصَّلَاةِ وَإِذَا شَكَّ فِي الصَّلَاةِ هَلْ أَحْدَثَ أَمْ لَا لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ عَنْهَا بِالشَّكِّ بِنَصِّ الْحَدِيثِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ الصَّلَاةِ بِالشَّكِّ فَكَذَلِكَ إبْطَالُ النِّكَاحِ بَلْ الصَّلَاةُ إذَا أَبْطَلَهَا أَمْكَنَ ابْتِدَاؤُهَا بِخِلَافِ النِّكَاحِ، وَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِ مُعَيَّنَةً ثُمَّ نَسِيَهَا أَوْ مُبْهَمَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ أُخْرِجْت بِالْقُرْعَةِ عَلَى الصَّحِيحِ

[بَابُ تَعَلُّقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ]

. بَابُ تَعَلُّقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ وَالْمُعَلَّقُ مِنْ الطَّلَاقِ عَلَى شَرْطِ إيقَاعٍ لَهُ عِنْدَ الشَّرْطِ وَلِهَذَا يَقُولُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إنَّ التَّعْلِيقَ يَصِيرُ إيقَاعًا فِي ثَانِي الْحَالِ وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ إنَّهُ مُتَهَيِّئٌ لَأَنْ يَصِيرَ إيقَاعًا وَإِذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالنِّكَاحِ فَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَوْ قَالَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ إذْ

<<  <  ج: ص:  >  >>