[كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي]
وَيُقْبَلُ كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي ثَوْرٍ فِي الْحُدُودِ وَقَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ فِي الْقِصَاصِ، وَالْمَحْكُومُ إذَا كَانَ عَيْنًا فِي بَلَدِ الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُهُ إلَى الْمُدَّعِي وَلَا حَاجَةَ إلَى كِتَابٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا فِي بَلَدٍ أُخْرَى فَهُنَا يَقِفُ عَلَى الْكِتَابِ وَهَهُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ مُتَدَاخِلَاتٍ مَسْأَلَةُ إحْضَارِ الْخَصْمِ إذَا كَانَ غَائِبًا وَمَسْأَلَةُ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ وَمَسْأَلَةُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَلَوْ قِيلَ: إنَّمَا نَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ إذَا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ حَاضِرًا لِأَنَّ فِيهِ فَائِدَةً وَهِيَ تَسْلِيمُهُ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ غَائِبًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُكَاتِبَ الْحَاكِمَ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ شَهَادَةِ الشُّهُودِ حَتَّى يَكُونَ الْحُكْمُ فِي بَلَدِ التَّسْلِيمِ لَكَانَ مُتَوَجِّهًا وَهَلْ يُقْبَلُ كِتَابُ الْقَاضِي بِالثُّبُوتِ أَوْ الْحُكْمِ مِنْ حَاكِمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِثْلُ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدَانِ أَنَّ حَاكِمًا نَافِذَ الْحُكْمِ حَكَمَ بِكَذَا وَكَذَا. الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ مَعْرُوفًا لِأَنَّ مُرَاسَلَةَ الْحَاكِمِ وَمُكَاتَبَتَهُ بِمَنْزِلَةِ شَهَادَةِ الْأُصُولِ لِلْفُرُوعِ وَهَذَا لَا يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ وَالشَّهَادَاتِ وَإِنْ قُبِلَ فِي الْفَتَاوَى وَالْإِخْبَارَاتِ.
وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ " الْمُحَرَّرِ ": مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي مِنْ أَنَّ الْخَصْمَيْنِ إذَا أُقِرَّ بِحُكْمِ حَاكِمٍ عَلَيْهِمَا خُيِّرَ الثَّانِي بَيْنَ الْإِمْضَاءِ وَالِاسْتِئْنَافِ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الْخَصْمِ شَهِدَ عَلَيَّ شَاهِدَانِ ذَوَيْ عَدْلٍ فَهُنَا قَدْ يُقَالُ بِالتَّخْيِيرِ أَيْضًا وَمَنْ عُرِفَ خَطُّهُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ إنْشَاءٍ أَوْ عَقْدٍ أَوْ شَهَادَةٍ عُمِلَ بِهِ كَالْمَيِّتِ، فَإِنْ حَضَرَ وَأَنْكَرَ مَضْمُونَهُ فَكَاعْتِرَافِهِ بِالصَّوْتِ وَإِنْكَارِ مَضْمُونِهِ وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَكْتُبَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا ثَبَتَ بَرَاءَتُهُ مَحْضَرًا بِذَلِكَ إنْ تَضَرَّرَ بِتَرْكِهِ وَلِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَنْ يُطَالِبَ الْحَاكِمَ عَلَيْهِ بِتَسْمِيَةِ الْبَيِّنَةِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْقَدْحِ فِيهَا بِاتِّفَاقٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute