الْمَطْلُوبِ، صَارَ لَهُ مِنْ الْمُشَبَّهِ وَحْدَهُ أَكْثَرُ مِمَّا لِإِبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ جُمْلَةُ الْمَطْلُوبِ مِثْلَ الْمُشَبَّهِ، وَانْضَافَ إلَى ذَلِكَ مَالَهُ مِنْ الْمُشَبَّهِ بِهِ، فَظَهَرَ بِهَذَا مِنْ فَضْلِهِ عَلَى كُلٍّ مِنْ النَّبِيِّينَ مَا هُوَ اللَّائِقُ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسْلِيمًا كَثِيرًا، وَجَزَاهُ عَنَّا أَفْضَلَ مَا جَزَى رَسُولًا عَنْ أُمَّتِهِ. «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ» .
[مَسْأَلَةٌ الصَّلَاة عَلَى النَّبِيِّ هَلْ الْأَفْضَلُ فِيهَا سِرًّا أَمْ جَهْرًا]
١٦٩ - ٨٥ مَسْأَلَةٌ:
فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ الْأَفْضَلُ فِيهَا سِرًّا أَمْ جَهْرًا؟ وَهَلْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «ازْعَجُوا أَعْضَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيَّ» أَمْ لَا؟ وَالْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالْجَهْرِ لِيَسْمَعَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ» أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ الْجَوَابُ: أَمَّا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فَهُوَ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ، بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الْآخَرُ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا يُرْوَى فِي رَفْعِ الصَّوْتِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، مِثْلَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يَرْوِيهَا الْبَاعَةُ لِتَنْفِيقِ السِّلَعِ، أَوْ يَرْوِيهَا السُّؤَالُ مِنْ قَصَّاصٍ وَغَيْرِهِمْ لِجَمْعِ النَّاسِ وَجِبَايَتِهِمْ، وَنَحْوَ ذَلِكَ.
وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ هِيَ دُعَاءٌ مِنْ الْأَدْعِيَةِ، كَمَا عَلَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّتَهُ حِينَ قَالُوا: قَدْ عَلِمْنَا السَّلَامَ عَلَيْك، فَكَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْك فَقَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ. وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَالسُّنَّةُ فِي الدُّعَاءِ كُلِّهِ الْمُخَافَتَةُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ سَبَبٌ يُشْرَعُ لَهُ الْجَهْرُ قَالَ تَعَالَى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: ٥٥] .
وَقَالَ تَعَالَى عَنْ زَكَرِيَّا: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} [مريم: ٣] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute