تَحْرِيمًا مِنْ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ، وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ اللَّعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ، كَمَا نُقِلَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمَا، وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا: أَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ عَلَى لَاعِبِ الشِّطْرَنْجِ، لِأَنَّهُ مُظْهِرٌ لِلْمَعْصِيَةِ. وَقَالَ صَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ: يُسَلَّمُ عَلَيْهِ.
[مَسْأَلَةٌ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا غِيبَةَ لِفَاسِقٍ]
١٠٢٤ - ٣ مَسْأَلَةٌ: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا غِيبَةَ لِفَاسِقٍ» وَمَا حَدُّ الْفِسْقِ؟ وَرَجُلٌ شَاجَرَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا شَارِبُ خَمْرٍ، أَوْ جَلِيسٌ فِي الشُّرْبِ أَوْ آكِلُ حَرَامٍ، أَوْ حَاضِرُ الرَّقْصِ أَوْ السَّمَاعِ لِلدُّفِّ أَوْ الشَّبَّابَةِ، فَهَلْ عَلَى مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ إثْمٌ؟
الْجَوَابُ: أَمَّا الْحَدِيثُ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنَّهُ مَأْثُورٌ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَتَرْغَبُونَ عَنْ ذَلِكَ الْفَاجِرِ؟ اُذْكُرُوهُ بِمَا فِيهِ يَحْذَرْهُ النَّاسُ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «مَنْ أَلْقَى جِلْبَابَ الْحَيَاءِ فَلَا غِيبَةَ لَهُ» وَهَذَانِ النَّوْعَانِ يَجُوزُ فِيهِمَا الْغِيبَةُ بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مُظْهِرًا لِلْفُجُورِ مِثْلَ: الظُّلْمِ، وَالْفَوَاحِشِ، وَالْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ السُّنَّةَ، فَإِذَا أَظْهَرَ الْمُنْكَرَ وَجَبَ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِيع فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي الْمُسْنَدِ، وَالسُّنَنِ: عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّكُمْ تَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَتَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ وَتَضَعُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَوَاضِعِهَا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: ١٠٥] وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إنَّ النَّاسَ إذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ وَلَمْ يُغَيِّرُوهُ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ، فَمَنْ أَظْهَرَ الْمُنْكَرَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِنْكَارُ، وَأَنْ يُهْجَرَ وَيُذَمَّ عَلَى ذَلِكَ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute