للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ، وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ مَمْلُوكٌ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَمْ يُعْرَفْ خِلَافُ ذَلِكَ فَفِي قَبُولِ قَوْلِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلْعُلَمَاءِ، فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ: أَحَدُهَا: يُقْبَلُ فِيمَا عَلَيْهِ دُونَ مَا لَهُ عَلَى غَيْرِهِ، كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي قَوْلٍ لَهُمَا.

الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ بِحَالٍ، كَقَوْلِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ.

وَالثَّالِثُ: يُقْبَلُ قَوْلُهُ مُطْلَقًا، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، فَإِذَا كَانَ مَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي لِرِقِّهِ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِمَا يُسْقِطُ حَقَّهَا عِنْدَ جُمْهُورِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ، فَكَيْفَ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ الرِّقَّ؟ وَكَيْفَ وَلَهُ خَيْرٌ وَإِقْطَاعٌ وَهُوَ مُنْتَسِبٌ؟ وَقَدْ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ حَتَّى زُوِّجَ بِهَا.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ كَذَبَ وَلَيْسَ عَلَيْهَا وَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ حَتَّى تَزَوَّجَ بِهَا، وَدَخَلَ، فَهَذَا قَدْ جَنَى بِكَذِبِهِ وَتَلْبِيسِهِ، وَالرَّقِيقُ إذَا جَنَى تَعَلَّقَتْ جِنَايَتُهُ بِرَقَبَتِهِ، فَلَهَا أَنْ تَطْلُبَ حَقَّهَا مِنْ رَقَبَتِهِ إلَّا أَنْ يَخْتَارَ سَيِّدُهُ أَنْ يَفْدِيَهُ بِأَدَاءِ حَقِّهَا فَلَهُ ذَلِكَ.

[مَسْأَلَةٌ مَالِكِيّ الْمَذْهَبِ حَصَلَ لَهُ نَكَدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَالِدِ زَوْجَتِهِ]

٥٥٠ - ١٣ - مَسْأَلَةٌ:

فِي رَجُلٍ مَالِكِيِّ الْمَذْهَبِ حَصَلَ لَهُ نَكَدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَالِدِ زَوْجَتِهِ، فَحَضَرَ قُدَّامَ الْقَاضِي. فَقَالَ الزَّوْجُ لِوَالِدِ الزَّوْجَةِ: إنْ أَبْرَأَتْنِي ابْنَتُكَ أَوْقَعْتُ عَلَيْهَا الطَّلَاقَ. فَقَالَ وَالِدُهَا: أَنَا أَبْرَأْتُكَ، فَحَضَرَ الزَّوْجُ وَوَالِدُ الزَّوْجَةِ قُدَّامَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، فَأَبْرَأَهُ وَالِدُهَا بِغَيْرِ حُضُورِهَا، وَبِغَيْرِ إذْنِهَا: فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ .

فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. أَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي الْمَنْصُوصِ الْمَعْرُوفِ عَنْهُمْ: أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يُخَالِعَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِ ابْنَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا، أَوْ لَمْ تَكُنْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَبَرُّعٌ بِمَالِهَا فَلَا يَمْلِكُهُ، كَمَا لَا يَمْلِكُ إسْقَاطَ سَائِرِ دُيُونِهَا. وَمَذْهَبُ مَالِكٍ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُخَالِعَ عَنْ ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا، لِكَوْنِهِ يَلِي مَالَهَا. وَرَوَى عَنْهُ: أَنَّ لَهُ أَنْ يُخَالِعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>