للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ مُطْلَقًا؛ لِكَوْنِهِ يُجْبِرُهَا عَلَى النِّكَاحِ.

وَرُوِيَ عَنْهُ: يُخَالِعُ عَنْ ابْنَتِهِ مُطْلَقًا، كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ لِلْمَصْلَحَةِ، وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَجْهًا مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي حَقِّ الْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ أَنْ يُخَالِعَهَا بِالْإِبْرَاءِ مِنْ نِصْفِ مَهْرِهَا إذَا قُلْنَا: إنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الْوَلِيُّ؛ وَخَطَّأَهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ الْإِبْرَاءَ بَعْدَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ إسْقَاطَ حَقِّهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ فَجَوَازُ ذَلِكَ لِمَنْفَعَتِهَا وَهُوَ يُخَلِّعُهَا مِنْ الزَّوْجِ أَوْلَى؛ وَلِهَذَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ كُلِّهِمْ أَنْ يَخْتَلِعَهَا الزَّوْجُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ؛ وَكَذَلِكَ لَهَا أَنْ تُخَالِعَهُ بِمَالِهَا إذَا ضَمِنَ ذَلِكَ الزَّوْجُ. فَإِذًا جَازَ لَهُ أَنْ يَخْتَلِعَهَا وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهَا ضَرَرٌ إلَّا إسْقَاطَ نِصْفِ صَدَاقِهَا.

وَمَذْهَبُ مَالِكٍ يَخْرُجُ عَلَى أُصُولِ أَحْمَدَ مِنْ وُجُوهٍ.

مِنْهَا: أَنَّ الْأَبَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ وَيُخَلِّعَ امْرَأَةَ ابْنِهِ الطِّفْلِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ طَوَائِفُ مِنْ السَّلَفِ. وَمَالِكٌ يُجَوِّزُ الْخُلْعَ دُونَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ فِي الْخُلْعِ مُعَاوَضَةٌ. وَأَحْمَدُ يَقُولُ: لَهُ التَّطْلِيقُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لَهُ لِتَخْلِيصِهِ مِنْ حُقُوقِ الْمَرْأَةِ وَضَرَرِهَا، وَكَذَلِكَ لَا فَرْقَ فِي إسْقَاطِ حُقُوقِهِ بَيْنَ الْمَالِ وَغَيْرِ الْمَالِ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لِلْحَكَمِ فِي الشِّقَاقِ أَنْ يُخَلِّعَ الْمَرْأَةَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهَا بِدُونِ إذْنِهَا؛ وَيُطَلِّقُ عَلَى الزَّوْجِ بِدُونِ إذْنِهِ: كَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ. وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ الْمَرْأَةَ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَعِنْدَهُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ الْأَبَ بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، وَلَهُ أَنْ يُسْقِطَ نِصْفَ الصَّدَاقِ.

وَمَذْهَبُهُ أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَتَمَلَّكَ لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا لَا يَضُرُّ بِالْوَلَدِ، حَتَّى لَوْ زَوَّجَهَا وَاشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ بَعْضَ الصَّدَاقِ: جَازَ لَهُ ذَلِكَ. وَإِذَا كَانَ لَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ وَالتَّمَلُّكِ هَذَا التَّصَرُّفُ لَمْ يَبْقَ إلَّا طَلَبُهُ لِفُرْقَتِهَا، وَذَلِكَ يَمْلِكُهُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. وَيَجُوزُ عِنْدَهُ لِلْأَبِ أَنْ يُعْتِقَ بَعْضَ رَقَبَةِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لِلْمَصْلَحَةِ.

فَقَدْ يُقَالُ: الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إنْ كَانَتْ تَحْتَ حِجْرِ الْأَبِ لَهُ أَنْ يُخَالِعَ مُعَاوَضَةً وَافْتِدَاءً لِنَفْسِهَا مِنْ الزَّوْجِ فَيَمْلِكُهُ الْأَبُ. كَمَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ، وَكَمَا يَمْلِكُ افْتِدَاءَهَا مِنْ الْأَسْرِ؛ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ مَصْلَحَةً لَهَا. وَقَدْ يُقَالُ: قَدْ لَا يَكُونُ مَصْلَحَتُهَا فِي الطَّلَاقِ؛ وَلَكِنَّ الزَّوْجَ يَمْلِكُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ؛ فَإِذَا بَذَلَ لَهُ الْعِوَضَ مِنْ غَيْرِهَا لَمْ يُمْكِنْهَا مَنْعُهُ مِنْ الْبَذْلِ. فَأَمَّا إسْقَاطُ مَهْرِهَا وَحَقِّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>