للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ تُفَارِقْنِي وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي؛ فَأَكْرَهَهُ الْوَلِيُّ عَلَى الْفُرْقَةِ، وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ، وَقَدْ طَلَبَهَا الْأَوَّلُ، وَقَالَ: إنَّهُ فَارَقَهَا مُكْرَهًا، وَهِيَ لَا تُرِيدُ إلَّا الثَّانِيَ؟

الْجَوَابُ: إنْ كَانَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ أُكْرِهَ عَلَى الْفُرْقَةِ بِحَقٍّ: مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مُقَصِّرًا فِي وَاجِبَاتِهَا، أَوْ مُضِرًّا لَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ كَانَتْ الْفُرْقَةُ صَحِيحَةً، وَالنِّكَاحُ الثَّانِي صَحِيحًا، وَهِيَ زَوْجَةُ الثَّانِي. وَإِنْ كَانَ أُكْرِهَ بِالضَّرْبِ أَوْ الْحَبْسِ وَهُوَ مُحْسِنٌ لِعِشْرَتِهَا حَتَّى فَارَقَهَا لَمْ تَقَعْ الْفُرْقَةُ؛ بَلْ إذَا أَبْغَضَتْهُ وَهُوَ مُحْسِنٌ إلَيْهَا فَإِنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهُ الْفُرْقَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُلْزَمَ بِذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَ وَإِلَّا أُمِرَتْ الْمَرْأَةُ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَا يُبِيحُ الْفَسْخَ.

[مَسْأَلَةٌ الْخُلْعُ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ]

٥٧٩ - ٤٢ - مَسْأَلَةٌ:

مَا هُوَ الْخُلْعُ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ؟

الْجَوَابُ: الْخُلْعُ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ: أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ كَارِهَةً لِلزَّوْجِ تُرِيدُ فِرَاقَهُ فَتُعْطِيهِ الصَّدَاقَ أَوْ بَعْضَهُ فِدَاءَ نَفْسِهَا، كَمَا يَفْتَدِي الْأَسِيرُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُرِيدًا لِصَاحِبِهِ، فَهَذَا الْخُلْعُ مُحْدَثٌ فِي الْإِسْلَامِ.

٥٨٠ - ٤٣ - مَسْأَلَةٌ:

فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ مُدَّةِ إحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَحْسَنَتْ الْعِشْرَةَ مَعَهُ، وَفِي هَذَا الزَّمَانِ تَأْبَى الْعِشْرَةَ مَعَهُ، وَتُنَاشِزُهُ: فَمَا يَجِبُ عَلَيْهَا؟

الْجَوَابُ: لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْشُزَ عَلَيْهِ وَلَا تَمْنَعَ نَفْسَهَا، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إلَى فِرَاشِهِ فَتَأْبَى عَلَيْهِ إلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى تُصْبِحَ» . فَإِذَا أَصَرَّتْ عَلَى النُّشُوزِ فَلَهُ أَنْ يَضْرِبَهَا، وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ لَا تَقُومُ بِمَا يَجِبُ لِلرَّجُلِ عَلَيْهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَيُعْطِيَهَا الصَّدَاقَ؛ بَلْ هِيَ الَّتِي تَفْتَدِي نَفْسَهَا مِنْهُ، فَتَبْذُلَ صَدَاقَهَا لِيُفَارِقَهَا، كَمَا «أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِامْرَأَةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>