للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ مِثْلَ خَمْسَةِ أَمْثَالِهِ، وَلَمْ تَجْرِ عَادَةٌ مِنْ شَرْطِ سِتَّةٍ مِنْ مِائَةٍ أَنْ يَشْتَرِطَ سِتَّةً مِنْ خَمْسِمِائَةٍ، فَيُحْمَلُ كَلَامُ النَّاسِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ فِي خِطَابِهِمْ.

الثَّانِي: أَنَّ الْوَاقِفَ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ هَذَا فَزَائِدُ الْوَقْفِ يُصْرَفُ فِي الْمَصَالِحِ الَّتِي هِيَ نَظِيرُ مَصَالِحِهِ، وَمَا يُشْبِهُهَا، مِثْلَ صَرْفِهِ فِي مَسَاجِدَ أُخَرَ، وَفِي فُقَرَاءِ الْجِيرَانِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ: لِأَنَّ الْأَمْرَ دَائِرٌ بَيْنَ أَنْ يُصْرَفَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، أَوْ يُرْصَدَ لِمَا يَحْدُثُ مِنْ عِمَارَةٍ وَنَحْوِهِ. وَرَصْدُهُ دَائِمًا مَعَ زِيَادَةِ الرِّيعِ لَا فَائِدَةَ فِيهِ: بَلْ فِيهِ مَضَرَّةٌ، وَهُوَ حَبْسُهُ لِمَنْ يَتَوَلَّى عَلَيْهِمْ مِنْ الظَّالِمِينَ الْمُبَاشِرِينَ وَالْمُتَوَلِّينَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّهُ حَضَّ النَّاسَ عَلَى مُكَاتَبٍ يَجْمَعُونَ لَهُ، فَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ، فَأَمَرَ بِصَرْفِهَا فِي الْمُكَاتَبِينَ، وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ الْمُعَيَّنُ، صَارَ الصَّرْفُ إلَى نَوْعِهِ.

لِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ فِي الْوَقْفِ هُوَ هَذَا الْقَوْلُ، وَأَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا فَضَلَ مِنْ كِسْوَتِهِ، كَمَا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَتَصَدَّقُ كُلَّ عَامٍ بِكِسْوَةِ الْكَعْبَةِ يَقْسِمُهَا بَيْنَ الْحُجَّاجِ.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ صَرْفَ الْفَاضِلِ إلَى إمَامِهِ وَمُؤَذِّنِهِ مَعَ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْلَى مِنْ الصَّرْفِ إلَى غَيْرِهِمَا، وَتَقْدِيرُ الْوَاقِفِ لَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَ الزِّيَادَةِ بِسَبَبٍ آخَرَ، كَمَا لَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَ مَسْجِدِهِ.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَقَدَّرَ الْأَكْفَانَ الَّتِي هِيَ الْمَصْرُوفَةُ بِبَعْضِ الرِّيعِ، صَرَفَ مَا يَفْضُلُ إلَى الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ مَا ذُكِرَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ فِي رَجُلٍ أَوْقَفَ وَقْفًا وَشَرَطَ التَّنْزِيلَ فِيهِ لِلشَّيْخِ]

٨٥٢ - ١١ مَسْأَلَةٌ:

فِي رَجُلٍ أَوْقَفَ وَقْفًا، وَشَرَطَ التَّنْزِيلَ فِيهِ لِلشَّيْخِ، وَشَرَطَ أَنْ لَا يَنْزِلَ فِيهِ شِرِّيرٌ وَلَا مُتَجَوِّهٌ، وَأَنَّهُ نَزَلَ فِيهِ شَخْصٌ بِالْجَاهِ، ثُمَّ بَدَا مِنْهُ أَمْرٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ شِرِّيرٌ، فَرَأَى الشَّيْخُ الْمَصْلَحَةَ فِي صَرْفِهِ اعْتِمَادًا عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ، وَنَزَّلَ الشَّيْخُ شَخْصًا آخَرَ بِطَرِيقِ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَمَرْسُومِ أَلْفَاظِهِ، فَهَلْ يَجُوزُ صَرْفُ مَنْ نَزَّلَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ بِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ، وَإِعَادَةُ الْمُتَجَوِّهِ الشِّرِّيرِ الْمُخَالِفِ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ. وَهَلْ يَحْرُمُ عَلَى النَّاظِرِ وَالشَّيْخِ ذَلِكَ، وَيَقْدَحُ ذَلِكَ فِي وِلَايَتِهِمَا؟ وَهَلْ يَحْرُمُ عَلَى السَّاعِي فِي ذَلِكَ الْمُسَاعِدِ لَهُ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>