للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاللَّحْمَ، وَالدَّمَ نَفْسَهُ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْعَظْمِ.

وَأَمَّا كَوْنُهُ هُوَ هُوَ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ وَالْمَادَّةِ، فَهَذَا لَا يَضُرُّ، فَإِنَّ التَّحْرِيمَ يَتْبَعُ الِاسْمَ وَالْمَعْنَى الَّذِي هُوَ الْخَبَثُ، وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ. وَعَلَى هَذَا فَدُخَانُ النَّارِ الْمُوقَدَةِ بِالنَّجَاسَةِ طَاهِرٌ، وَبُخَارُ الْمَاءِ النَّجَسِ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِي السَّقْفِ طَاهِرٌ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَهَذَا الْفَخَّارُ طَاهِرٌ، إذْ لَيْسَ فِيهِ مِنْ النَّجَاسَةِ شَيْءٌ، وَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ خَالَطَهُ مِنْ دُخَانِهَا، خَرَجَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ طَاهِرٌ.

وَأَمَّا نَفْسُ اسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَالنِّزَاعُ فِي الْمَاءِ الْمُسَخَّنِ بِالنَّجَاسَةِ، فَإِنَّهُ طَاهِرٌ. لَكِنْ هَلْ يُكْرَهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ: إحْدَاهُمَا لَا يُكْرَهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ. وَالثَّانِي: يُكْرَهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَلِلْكَرَاهَةِ مَأْخَذَانِ.

أَحَدُهُمَا: خَشْيَةُ أَنْ يَكُونَ قَدْ وَصَلَ إلَى الْمَاءِ شَيْءٌ مِنْ النَّجَاسَةِ، فَيُكْرَهُ لِاحْتِمَالِ تَنَجُّسِهِ، فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ بَيْنَ الْمُوقَدِ وَبَيْنَ النَّارِ حَاجِزٌ حَصِينٌ لَمْ يُكْرَهُ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَابْنِ عَقِيلٍ، وَغَيْرِهِمَا.

وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ سَبَبَ الْكَرَاهَةِ كَوْنُ اسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ مَكْرُوهًا؛ وَإِنَّ السُّخُونَةَ حَصَلَتْ بِفِعْلٍ مَكْرُوهٍ. وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى، وَمِثْلُ هَذَا طَبْخُ الطَّعَامِ بِالْوَقُودِ النَّجَسِ؛ فَإِنْ نَضِجَ الطَّعَامُ كَسُخُونَةِ الْمَاءِ؛ وَالْكَرَاهَةُ فِي طَبْخِ الْفَخَّارِ بِالْوَقُودِ النَّجَسِ تُشْبِهُ تَسْخِينَ الْمَاءِ الَّذِي لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ حَاجِزٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ الْكَلْب هَلْ هُوَ طَاهِرٌ أَمْ نَجَسٌ]

٣٢ - ١٦ - مَسْأَلَةٌ:

فِي الْكَلْبِ هَلْ هُوَ طَاهِرٌ أَمْ نَجَسٌ؟ وَمَا قَوْلُ الْعُلَمَاءِ فِيهِ؟

الْجَوَابُ: أَمَّا الْكَلْبُ فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مَعْرُوفَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>