لَهُ أَنْ يُبَاعَ الْخَمْرُ بِالثَّمَنِ، فَكَيْفَ إذَا أُعْطِيَ الْخَمْرَ وَأُعْطِيَ الثَّمَنَ، وَإِذَا كَانَ لَا يَحِلُّ لِلزَّانِي أَنْ يَزْنِيَ وَإِنْ أُعْطِيَ، فَكَيْفَ إذَا أُعْطِيَ الْمَالَ وَالزِّنَا جَمِيعًا، بَلْ يَجِبُ إخْرَاجُ هَذَا الْمَالِ كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْمَصَالِحِ الْمُشْتَرَكَةِ، فَكَذَلِكَ هُنَا إذَا كَانَ قَدْ بَاعَ السِّلْعَةَ وَقْتَ النِّدَاءِ بِرِبْحٍ وَاحِدٍ وَأَخَذَ سِلْعَتَهُ، فَإِنْ فَاتَتْ تَصَدَّقَ بِالرِّبْحِ وَلَمْ يُعْطِهِ لِلْمُشْتَرِي فَيَكُونُ إعَانَةً لَهُ عَلَى الشِّرَاءِ، وَالْمُشْتَرِي يَأْخُذُ الثَّمَنَ وَيُعِيدُ السِّلْعَةَ، فَإِنْ بَاعَهَا بِرِبْحٍ تَصَدَّقَ بِهِ وَلَمْ يُعْطِهِ لِلْبَائِعِ، فَيَكُونُ قَدْ جُمِعَ لَهُ بَيْنَ رِبْحَيْنِ، وَقَدْ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمَقْبُوضِ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ هَلْ يُمْلَكُ أَوْ لَا يُمْلَكُ، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَفُوتَ أَوْ لَا يَفُوتَ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
[فَصْلٌ فِي أَحَادِيثَ يَحْتَجُّ بِهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَشْيَاءَ وَهِيَ بَاطِلَةٌ]
ٌ: مِنْهَا: قَوْلُهُمْ: " إنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ " فَإِنَّ هَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا يُرْوَى فِي حِكَايَاتٍ مُنْقَطِعَةٍ.
وَمِنْهَا: قَوْلُهُ «نَهَى عَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ» وَهَذَا أَيْضًا بَاطِلٌ.
وَمِنْهَا: حَدِيثُ مُحَلِّلِ السِّبَاقِ «مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ» فَإِنَّ هَذَا مَعْرُوفٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مِنْ قَوْلِهِ، هَكَذَا رَوَاهُ الثِّقَاتُ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ، وَغَلِطَ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ فَرَوَاهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ يَعْرِفُونَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ.
وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو دَاوُد السِّجِسْتَانِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ حُسَيْنٍ هَذَا يَغْلَطُ فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَأَنَّهُ لَا يُحْتَجُّ بِمَا يَنْفَرِدُ بِهِ، وَمُحَلِّلُ السِّبَاقِ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرِيعَةِ، وَلَمْ يَأْمُرْ النَّبِيُّ أُمَّتَهُ بِمُحَلِّلِ السِّبَاقِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَسَابَقُونَ بِجُعْلٍ وَلَا يَجْعَلُونَ بَيْنَهُمْ مُحَلِّلًا.
وَاَلَّذِينَ قَالُوا هَذَا مِنْ الْفُقَهَاءِ ظَنُّوا أَنَّهُ يَكُونُ قِمَارًا، ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْمُحَلِّلِ يَخْرُجُ عَنْ شِبْهِ الْقِمَارِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالُوهُ، بَلْ الْمُحَلِّلُ مُؤَدٍّ إلَى الْمُخَاطَرَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute