للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: هَؤُلَاءِ كَانُوا قَوْمًا صَالِحِينَ فِي قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا مَاتُوا عَكَفُوا عَلَى قُبُورِهِمْ، ثُمَّ صَوَّرُوا عَلَى صُوَرِهِمْ تَمَاثِيلَ، ثُمَّ طَالَ عَلَيْهِمْ الْأَمَدُ فَعَبَدُوهَا.

وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْمَعْنَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ فِي التَّفْسِيرِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ السَّلَفِ، وَذَكَرَهُ وَثِيمَةُ وَغَيْرُهُ فِي قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ. وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى أُصُولِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

وَأَوَّلُ مَنْ وَضَعَ الْأَحَادِيثَ فِي السَّفَرِ لِزِيَارَةِ الْمَشَاهِدَ الَّتِي عَلَى قُبُورِهِمْ أَهْلُ الْبِدَعِ الرَّافِضَةُ وَنَحْوُهُمْ الَّذِينَ يُعَطِّلُونَ الْمَسَاجِدَ، وَيُعَظِّمُونَ الْمَشَاهِدَ، يَدَعُونَ بُيُوتَ اللَّهِ الَّتِي أَمَرَ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، وَيُعْبَدَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَيُعَظِّمُونَ الْمَشَاهِدَ الَّتِي يُشْرَكُ فِيهَا وَيُكْذَبُ فِيهَا، وَيُبْتَدَعُ فِيهَا دِينٌ لَمْ يُنَزِّلْ اللَّهُ بِهِ سُلْطَانًا، فَإِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ إنَّمَا فِيهِمْ ذِكْرُ الْمَسَاجِدِ دُونَ الْمَشَاهِدِ، كَمَا قَالَ: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [الأعراف: ٢٩] وَقَالَ: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} [التوبة: ١٨] وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: ١٨] وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧] وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} [البقرة: ١١٤] .

وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّحِيحِ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ فِي رَجُلٍ حَبَسَ خَصْمًا لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِحُكْمِ الشَّرْعِ فَحَضَرَ إلَيْهِ رَجُلٌ يَشْفَعُ فِيهِ]

١٠٦٤ - ٤٠ مَسْأَلَةٌ:

فِي رَجُلٍ حَبَسَ خَصْمًا لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِحُكْمِ الشَّرْعِ، فَحَضَرَ إلَيْهِ رَجُلٌ يَشْفَعُ فِيهِ، فَلَمْ يَقْبَلْ شَفَاعَتَهُ، فَتَخَاصَمَا بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَشَهِدَ الشَّافِعُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>