للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا بِيعَتْ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ أَوْ الْمَرْهُونَةُ وَنَحْوُهُمَا بِهِ تَعَلَّقَ حَقُّ غَيْرِ الْبَائِعِ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْعَيْبِ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: لَا يَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ بِفَسَادِ الْبَيْعِ بَعْدَ هَذَا لِأَنَّ إخْبَارَهُ بِالْعَيْبِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ بِالسُّنَّةِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ عَلِمَ ذَلِكَ إلَّا إنْ بَيَّنَهُ فَكِتْمَانُهُ تَغْرِيرٌ وَالْغَارُّ ضَامِنٌ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيمَا إذَا رَأَى عَيْبًا فَلَمْ يَنْهَهُ وَفِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ فَإِنَّ الْمَذَاهِبَ أَنَّ السُّكُوتَ لَا يَكُونُ إذْنًا فَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ لَكِنْ إذَا لَمْ يَصِحَّ يَكُونُ تَغْرِيرًا فَيَكُونُ ضَامِنًا بِحَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ بِالضَّمَانِ فَإِنَّ تَرْكَ الْوَاجِبِ عِنْدَنَا كَفِعْلِ الْمُحَرَّمِ كَمَا يُقَالُ فِيمَنْ قَدَرَ عَلَى إنْجَاءِ إنْسَانٍ مِنْ هَلَاكِهِ بَلْ الضَّمَانُ هُنَا أَقْوَى.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ أَنَّ مَنْ بَاعَ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهَا مُسْتَأْجَرَةٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ بَاعَ مِلْكَهُ وَمِلْكَ غَيْرِهِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ تَفْرِيقِ الصِّفَةِ.

[فَصْلٌ وَالْعَارِيَّةُ تَجِبُ مَعَ غِنَاءِ الْمَالِكِ]

فَصْلٌ

وَالْعَارِيَّةُ تَجِبُ مَعَ غِنَاءِ الْمَالِكِ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَهِيَ مَضْمُونَةٌ يُشْتَرَطُ ضَمَانُهَا وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَلَوْ سَلَّمَ شَرِيكٌ شَرِيكَهُ دَابَّةً فَتَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْ وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ إذَا قَالَ: أَعَرْتُك دَابَّتِي لِتَعْلِفَهَا أَنَّ هَذَا يَصِحُّ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ اسْتِئْجَارِ الْعَبْدِ بِطَعَامِهِ وَكُسْوَتِهِ لَكِنْ دُخُولُ الْعِوَضِ فِيهِ يُلْحِقُهُ بِالْإِجَارَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَسِيرًا لَا يَبْلُغُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ بِلَا تَعَدٍّ فَيَكُونُ حُكْمُ الْعَارِيَّةِ بَاقِيًا وَهَذَا فِي الْمَنَافِعِ نَظِيرُ الْهِبَةِ الْمَشْرُوطِ فِيهَا الثَّوَابُ فِي الْأَعْيَانِ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: فِي قَدِيمِ خَطِّهِ نَفَقَةُ الْعَيْنِ الْمُعَارَةِ تَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لَا أَعْرِفُ فِيهَا نَقْلًا إلَّا أَنَّ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ فِيمَا يَظْهَرُ لِي أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّهُمْ قَدْ قَالُوا: إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُؤْنَةُ رَدِّهَا وَضَمَانُهَا إذَا تَلِفَتْ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا إلَى صَاحِبِهَا كَمَا أَخَذَهَا مِنْهُ سِوَى نَقْصِ الْمَنَافِعِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهَا ثُمَّ إنَّهُ خَطَرَ لِي أَنَّهَا تُخَرَّجُ عَلَى الْأَوْجُهِ فِي نَفَقَةِ الدَّارِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا فَقَطْ أَحَدُهَا: يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ، وَثَانِيهَا عَلَى الْمَالِكِ لِلنَّفْعِ، وَثَالِثُهَا فِي كَسْبِهَا فَإِنْ قِيلَ هُنَاكَ الْمَنْفَعَةُ مُسْتَحَقَّةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ هُنَا فَإِنَّ مَالِكَ الرَّقَبَةِ هُوَ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ غَيْرَ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَنْتَفِعُ بِهَا بِطَرِيقِ الْإِبَاحَةِ وَهَذَا يُقَوِّي وُجُوبَهَا عَلَى الْمُعِيرِ وَالْأَصْلُ الْأَوَّلُ يُقَوِّي وُجُوبَهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ ثُمَّ أَقُولُ: هَذَا لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ حَاصِلَةٌ فِي الْأَصْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>