للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ وَاقِف وَقَفَ وَقْفًا عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ]

مَسْأَلَةٌ:

فِي وَاقِفٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى أَوْلَادِهِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، وَنَسْلِهِ، وَعَقِبِهِ، دَائِمًا مَا تَنَاسَلُوا: عَلَى أَنَّهُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ: كَانَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ. فَإِذَا تُوُفِّيَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ، أَوْ نَسْلٍ أَوْ عَقِبٍ لِمَنْ يَكُونُ نَصِيبُهُ؟ هَلْ يَكُونُ لِوَلَدِهِ؟ أَوْ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَبَنِي الْعَمِّ وَنَحْوِهِمْ؟

الْجَوَابُ: نَصِيبُهُ يَنْتَقِلُ إلَى وَلَدِهِ دُونَ إخْوَتِهِ وَبَنِي عَمِّهِ: لِوُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ نَذْكُرُ مِنْهَا ثَلَاثَةً: أَحَدُهَا: إنَّ قَوْلَهُ: عَلَى أَوْلَادِهِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ. مُقَيَّدٌ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَهُ، وَهِيَ قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى ذَوِي طَبَقَتِهِ. وَكُلُّ كَلَامٍ اتَّصَلَ بِمَا يُقَيِّدُهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ الْمُقَيَّدُ دُونَ إطْلَاقِهِ أَوَّلَ الْكَلَامِ.

بَيَانُ الْمُقَدَّمَةِ الْأُولَى: إنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ وَهِيَ قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ. فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَالْحَالُ صِفَةٌ فِي الْمَعْنَى، وَالصِّفَةُ مُقَيِّدَةٌ لِلْمَوْصُوفِ وَإِنْ شِئْت قُلْت: لِأَنَّهُ جَارٌّ وَمَجْرُورٌ مُتَّصِلٌ بِالْفِعْلِ، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مَفْعُولٌ فِي النَّفْيِ، وَذَلِكَ مُقَيِّدٌ لِلْفِعْلِ. وَإِنْ شِئْت قُلْت: لِأَنَّهُ كَلَامٌ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِنَفْسِهِ، فَيَجِبُ ضَمُّهُ إلَى مَا قَبْلَهُ. وَإِنْ شِئْت قُلْت: لِأَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ لَمْ يَسْكُتْ عَلَيْهِ الْمُتَكَلِّمُ حَتَّى وَصَلَهُ بِغَيْرِهِ، وَصِلَةُ الْكَلَامِ مُقَيِّدَةٌ لَهُ. وَكُلُّ هَذِهِ الْقَضَايَا مَعْلُومَةٌ بِالِاضْطِرَارِ فِي كُلِّ لُغَةٍ.

بَيَانُ الثَّانِيَةِ: إنَّ الْكَلَامَ مَتَى اتَّصَلَ بِهِ صِفَةٌ أَوْ شَرْطٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تُغَيِّرُ مُوجِبَهُ عِنْدِ الْإِطْلَاقِ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهَا، وَلَمْ يَجُزْ قَطْعُ ذَلِكَ الْكَلَامِ عَنْ تِلْكَ الصِّفَاتِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ.

وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ أَيْضًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ بَلْ وَلَا بَيْنَ الْعُقَلَاءِ. وَعَلَى هَذَا تَنْبَنِي جَمِيعُ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَقْوَالِ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ: مِثْلُ الْوَقْفِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَالْإِقْرَارِ، وَالْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ، وَالْإِجَارَةِ وَالشَّرِكَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ: يُرْجَعُ إلَى لَفْظِ الْوَاقِفِ فِي الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ. وَلِهَذَا لَوْ كَانَ أَوَّلُ الْكَلَامِ مُطْلَقًا أَوْ عَامًّا وَوَصَلَهُ الْمُتَكَلِّمُ بِمَا يَخُصُّهُ أَوْ يُقَيِّدُهُ كَانَ الِاعْتِبَارُ بِذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>