[كِتَابُ الْحُدُودِ]
ِ قَوْله تَعَالَى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا} [النساء: ١٥] قَدْ يُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُذْنِبَ إذَا لَمْ يُعْرَفْ فِيهِ حُكْمُ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ يُمْسَكُ فَيُحْبَسُ حَتَّى يُعْرَفَ فِيهِ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ فَيُنَفَّذَ فِيهِ وَإِذَا زَنَى الذِّمِّيُّ بِالْمُسْلِمَةِ قُتِلَ وَلَا يَصْرِفُ عَنْهُ الْقَتْلَ الْإِسْلَامُ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ فِي الْمُسْلِمِ، بَلْ يَكْفِي اسْتِفَاضَتُهُ وَاشْتِهَارُهُ، وَإِنْ حَمَلَتْ امْرَأَةٌ لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَبَبَ حُدَّتْ إنْ لَمْ تَدَّعِ الشُّبْهَةَ.
وَكَذَا مَنْ وُجِدَ مِنْهُ رَائِحَةُ الْخَمْرِ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ فِيهِمَا وَغِلَظُ الْمَعْصِيَةِ وَعِقَابُهَا بِقَدْرِ فَضِيلَةِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْكَبِيرَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تُحْبِطُ جَمِيعَ الْحَسَنَاتِ لَكِنْ قَدْ تُحْبِطُ مَا يُقَابِلُهَا عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ.
وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَطْعِ بِالسَّرِقَةِ مُطَالَبَةُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ بِمَالِهِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ كَإِقْرَارِهِ بِالزِّنَا بِأَمَةِ غَيْرِهِ وَمَنْ سَرَقَ تَمْرًا أَوْ مَاشِيَةً مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ أُضْعِفَتْ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَكَذَا غَيْرُهَا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ. وَاللِّصُّ الَّذِي غَرَضُهُ سَرِقَةُ أَمْوَالِ النَّاسِ وَلَا غَرَضَ لَهُ فِي شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَإِنَّ قَطْعَ يَدِهِ وَاجِبٌ وَلَوْ عَفَا عَنْهُ رَبُّ الْمَالِ.
[فَصْلٌ وَالْمُحَارِبُونَ حُكْمُهُمْ فِي الْمِصْرِ وَالصَّحْرَاءِ وَاحِدٌ]
ٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَالشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِنَا قَالَ الْقَاضِي الْمَذْهَبُ عَلَى مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي عَدَمِ التَّفْرِقَةِ وَلَا نَصَّ فِي الْخِلَافِ بَلْ هُمْ فِي الْبُنْيَانِ أَحَقُّ بِالْعُقُوبَةِ مِنْهُمْ فِي الصَّحْرَاءِ وَالزِّوَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute